الأربعاء، 15 فبراير 2017

البنية السطحية لم تعد تكفي

تعاني المدن والمناطق الحضرية السعودية من مشاكل تتكرر بشكل سنوي موسمي كل عام، شتاءً نفرح بهطول الأمطار ولكن فرحتنا تتبدد بفيضانات الشوارع... لا أعتقد أننا نفرح بقدوم الصيف لا بفرحتنا بموسم الرطب والحبحب ونوم التكييف البارد التي ينغصها مشاكل انقطاعات التيار الكهربائي، ورغم أننا نعاني من شح المياه وارتفاع تكاليفها إلا أن مدننا تعاني من نزيف مستمر للمياه من شبكات المياه بسبب التسريبات الناتجة عن سوء الصيانة أو انتهاء العمر الافتراضي لهذه الشبكات والتي لا يعلم عنها أحد لأنها مدفونة، ونعاني صيفاً وشتاءً من حفريات الشوارع التي في غالبها ردود فعل سريعة لحل مشاكل تصريف مياه الأمطار أو تمديدات كهربائية للاستجابة لزيادة الأحمال صيفاً أو إصلاحات لشبكات المياه.

والمشكلة الأساسية في نظري تكمن في محاولتنا حل مشاكل مدننا بحلول البنية السطحية حيث تعتمد مدننا في جلها على تصريف مياه الأمطار سطحياً باختلاف مناسيب الشوارع والمخططات وهذا مستخدم حتى مع وجود أنابيب تصريف مياه الأمطار في بعض المناطق المطورة حديثاً حيث لا تجد هذه الأنابيب نظام مركزي للتصريف وينتهي بها الأمر في أحد المواقع المفتوحة والتي لم يصلها العمران. طريقة التصريف السطحية قد تعمل بشكل جيد في المدن الصغيرة التي لا يوجد بها رقعه سكانية كبيرة ويوجد بها مواقع تصريف صحراوية يمكنها امتصاص مياه الأمطار، إلا أنها غير مجدية في المدن الكبيرة التي أصبحت رقعة المباني والشوارع المسفلتة كبيرة جداً وأصبحت أدوات تجميع فعالة لمياه الأمطار أو وديان صناعية تجعل من المستحيل تجميعها بالطرق السطحية.

وكذلك الحال بالنسبة لمشكلة زيادة الأحمال الكهربائية في الصيف بسبب أحمال التكييف نظراً للاستخدام السائد لأنظمة التكييف النافذية أو المنفصلة والتي تعتبر الأسوأ في جميع أنظمة التكييف من ناحية استخدام الطاقة نظراً لعدم إمكانية ترشيد أو المشاركة في أحمال التكييف للضعف التقني لمثل هذه الأنظمة. ومع التقدم التقني أصبحت المدن الحديثة تعتمد على أنظمة تكييف وتدفئة مركزية ليس على مستوى المبنى فقط وإنما على مستوى المدن حيث يتم تبريد المياه في محطات تبريد مركزية كبيره عالية الكفاءة في استخدم الطاقة وكذلك استخدام الطاقة الحرارية المهدرة من مولدات الطاقة الكهربائية فيما يعرف بالتوليد المزدوج، هذا بالإضافة إلى قدرة هذه الأنظمة لترشيد استهلاك الكهرباء خلال فترات الذروة عن طريق تخزين طاقة التبريد خارج أوقات الذروة، واعتقد بأنه حلم لكل مواطن أو مستثمر أن يتخلص من أجهزة التكييف في مشروعه مع تبعاتها من تمديدات كهربائية عالية التكاليف وتوصيل مشروعه بأنبوب مياه التكييف الباردة ويتم محاسبته على أساس طاقة التكييف المستخدمة بواسطة عداد خاص بذلك.

ولتتمكن مدننا من التخلص من التصريف السطحي للأمطار واستخدام أنظمة تكييف المدن الحديثة فإنها تحتاج إلى بنية تحتية من أنفاق الخدمات العميقة والتي يتم إنشائها تحت الأرض بأعماق تمنع التعارض مع المباني والمنشئات السطحية، وقد أصبح ذلك ممكناً مع التطور الكبير في معدات وآلات الحفر التي يمكنها حفر أنفاق عميقة بأقطار كبيرة بدون التأثير على المباني والمنشئات السطحية، سوف تمكن هذه الأنفاق من تصريف مياه الأمطار وتحوي التمديدات الخاصة بالكهرباء ومياه التبريد المركزية وكذلك تمديدات المياه والاتصالات والتي يشهل صيانتها داخل هذه الأنفاق،  واعتقد بأنه أصبح الوقت مناسب لإنشاء مثل هذه الأنفاق عن طريق تأسيس شركة حكومية لهذا الغرض وذلك لارتفاع التكاليف الرأسمالية لمثل هذه الأنفاق وإمكانية إهلاك هذه التكاليف على سنوات طويلة، وسوف يكون الدخل الرئيسي لهذه الشركة عن طريق رسوم الانتفاع لاستخدام هذه الأنفاق لشركات الخدمات التي تستخدم هذه الأنفاق، ويمكن أن شركات الخدمات مثل شركة الاتصالات والكهرباء والمياه وشركات متخصصة في التكييف المركزي للمدن (الذي سوف يصبح ذا جدوى في وجود مثل هذه الأنفاق) كشركاء مؤسسين في هذه الشركة، وأرى بأن مثل هذه الحلول للبنية التحتية ليس بجديد ومطبق في جميع الدول المتقدمة والتي يخدم مدنها شبكة من أنفاق الخدمات مكنت المدن من التوسع في الخدمات بصمت وتكاليف منخفضة، واعتقد بأن الوقت مناسب جداً لمثل هذه المشاريع في مدننا الكبيرة والتي أصبحت ولله الحمد تضاهي أكبر المدن العالمية في تقدمها وإمكانياتها. 

وقد يكون ما قمت بطرحه في هذا المقال حلم قد يرى الكثيرين أنه يصعب تحقيقه في ضل تعثر الكثير من المشاريع الحكومية فوق الأرض فكيف ببنية تحتية بأنفاق تحت الأرض!!!!! إلا أنني مؤمن بأنه يجب علينا عدم التوقف عن الأحلام وخاصة إذا كان لدينا مقومات تحقيقها.

وأخيراً أود أن أضيف أن الأنفاق ووجودها تحت الأرض لن تحتاج إلى نزع ملكيات!!! لأنه حسب معرفتي القانونية المتواضعة تقتصر الملكية العقارية لما فوق هو فوق الأرض وجميع ما تحت الأرض من أنفاق وموارد معدنية تملكها الدولة وهذا بدوره قد يسهل مهمة تحقيق الحلم.

الأسلوب القصصي في الكتابة والعروض

تخرجنا من الجامعة بمهاره جيده للكتابة باللغة الإنجليزية والتي تميز خريجين جامعة البترول عن غيرهم والتي ركزت عليها الجامعة في   السنة التحض...