السبت، 15 يوليو 2017

الرد الوافي على مقال الاستاذ الوذناني

اأود في هذه المقالة إبداء وجهة نظري حيال ما سطره الدكتور عبدالعزيز الوذناني بمقالته في عكاظ بعنوان: نموذجنا الاقتصادي غير قابل للاستمرار.

ألمانيا واليابان:

التجربة الألمانية واليابانية فريدة من نوعها على مستوى العالم ومن الصعب أن تقارن أي دولة من دول الشرق أو الغرب مع تجربة هاتين الدوليتين التي أدى إبداعهم وإنتاجيتهم العالية (بأعلى جودة يمكن للبشر أن يصلوها) إلى غرور وجنون عظمة أدى بالأولى أن تجتاح أوروبا وأدى بالثانية أن تجتاح آسيا. والنهضة العلمية الصناعية في كلتا الدولتين كانت قبل الحرب العالمية الثانية والذي أدى إلى وصول هذه الدول إلى مرحلة البطر الصناعي والاقتصادي برر لهم الدخول في الحرب العالمية الثانية والتي لم تنته إلا بدمار شامل لهما، هذا الدمار كان أساس نهضتهم الثانية بعد الحرب حيث تدمرت البنية التحتية والمباني والمصانع إلا أن العقول لم تدمر واستطاعت أن تعيد قوتها الصناعية أفضل مما كانت، الإبداع الألماني والياباني وما نتج عنه من معجزات اقتصادية  والذي كان أساس للتطور العلمي والصناعي في جميع أنحاء العالم أراها نتيجة لإبداع هذه الشعوب على مستوى الأفراد وشغفهم بإخلاص في العمل والإنتاجية المرتفعة التي وضعتهم في أعلى دراجات التقدم العلمي والصناعي، وأرى أن معجزة هاتين الدولتين العلمية قد أعجزت جهابذة علم الاجتماع والانثربولوجيا وبالتأكيد سوف تعجزنا، أرى أن نستفيد من التجربة الكورية في التدرج في تقليد النموذج الألماني والياباني والتركيز على الأساسيات (التعليم – الصحة – النظام الصارم في الحياة والعمل).

سر نجاح ارمكو:

قضيت جل حياتي في الدمام وكل جمعة كان يأخذنا الوالد رحمه الله إلى الخبر لأنها كانت أغلبها حدائق غَنَّاء وكنا نمر بالظهران أو ما كان أبي يسميه "الشبك" نسبة إلى السياج المعدني الذي يحيط بمنطقة عمل وسكن أرامكو، هذا الشبك في نظري هو سر نجاح أرامكو، لقد مكنها هذا الشبك أن تعمل بعيداً عن البروقراطية خارج الشبك ومكنها أن تعمل مدراس التدريب المهني الخاص بها والتي تفيدها في الإنتاج وليس مجرد منح شهادات للحصول على وظيفة، مكنها من بناء مدارسها النموذجية لخدمة موظفيها داخل الشبك وخارج الشبك (بينما وزارة التعليم خارج الشبك تستأجر المنازل لتحويلها إلى مدارس). مكنها الشبك من أن يكون لها نظام دوام صارم يجعل موظفي ارامكو بعيدين عن العادات والتقاليد الاجتماعية التي تجعل العمل آخر أولويات الفرد وتجعل الكثير من أقارب الموظف يمتنع عن زيارته ولعب البلوت معه إلى ساعة متأخرة، مكنها الشبك من عمل نظام صارم في التعيين والترقيات لا يخضع للمحسوبية والمناطقية التي تحجز الوظيفة خارج الشبك لمن لم يتخرج بعد، ورغم أننا كسعوديين لا نحب "الشبوك" إلا أن هذا "الشبك" كان شبكاً حميداً يستحق الإشادة به، أرامكو منذ قيامها لها نظام خاص بخصوصية برميل البترول والذي مكنها من إعطاء المميزات والتدريب وتملك البيوت والذي لم ولن يستطيع أن ينافسها فيه أي من القطاعين العام والخاص، وينطبق هذا على بقية الشركات التي تملك الحكومة فيها نسبة كبيرة، وكمثال على هذه المميزات كان لنا زميل في جامعة البترول مبتعث داخلياً من أرامكو كان راتبه ومميزاته الوظيفية أفضل من الأستاذ الجامعي الذي كان يدرسنا.

القطاع الخاص والسعودة:

لم يكن القطاع الخاص بشركات مقاولاته ومصانعه ومتاجره جذاب أو حتى في قائمة الفرص التي يفكر فيها المواطن السعودي بمختلف المهارات والشهادات وكانت الوجهات (الوظائف المدنية- الوظائف العسكرية- الشركات والهيئات الحكومية)، كان السعوديين بكل أطيافهم العلمية يجدون الوظائف حال تخرجهم وتستقطب الشركات الحكومية أفضلهم بمميزات الابتعاث الداخلي والخارجي والمميزات الوظيفية الأخرى، وكانت الوظائف التعليمية تأتي في المرتبة الثانية لكادرها المميز، كان الغالبية مِن مَن يتجه إلى القطاع الخاص ليس كموظفين وإنما كأصحاب مؤسسات وشركات والذي كان من السهل جداً فتحها واستقدام العمالة اللازمة التي كانت تغذيها مشاريع التنمية المختلفة، مع انحسار أسعار البترول والتي صاحبها قلة في الوظائف الحكومية ولجوء الشركات الحكومية إلى عقود الإسناد أصبح هناك ضغط كبير على القطاع الخاص لتوظيف السعوديين وظهر مصطلح الإستقداميون وأصبحت التأشيرات لا تصدر إلا من مكتب وزير العمل والتي نتج عنها انسداد كبير في إنجاز المشاريع وتعثر الكثير منها، ولحل هذه المشكلة ظهرت نطاقات والتي أراها عالجت موضوع الاستقدام بموضوعية وصرامة كبيرة وخاصة عندما تم ربط نظام مكتب العمل والتأمينات والزكاة والدخل والجوازات بنظام واحد صارم على الجميع.

اتفق مع ما طرحه الدكتور عبدالعزيز بأن مشكلة التوظيف مجتمعية لأن المجتمع للأسف لا زال يرى أن مجرد حمل السعودي للبطاقة الوطنية يعطيه أفضلية على غيره وإن لم يكن يملك التأهيل والمهارة اللازمة، أحدهم جاء مزمجراً لماذا تم الخصم على ابنه لأنه غاب لأنه كان عنده ضيوف والتزامات ما هو "بهندي" عندكم، نظرة المجتمع أن السعودي يجب ألا يطلب منه إنتاجية وأن يكون جاهز "للزرقه" وجاهز لخدمة ضيوفه وبيته والعمل والإنتاجية في آخر أولوياته، أحدهم يشتكي في تويتر أنه لم يجد وظيفة فعرضت عليه وظيفة قال " تبي تكدن للشركات" أبي وظيفة في بلدية المجمع القروي بجوار أهلي، مع ارتفاع تكلفة الأجنبي وزيادة عدد الخريجين والخريجات أصبحت الشركات الجادة تبحث عن السعودي القيادي المؤهل وهم كثر وحصلوا ويحصلون على وظائف في القطاع الخاص برواتب تتعدى ٢٠٠ ألف ريال شهرياً والأمثلة كثيرة.

 أعتقد أن الصراع من أجل البقاء هو المعركة التي يخوضها القطاع الخاص في هذه الظروف الصعبة على مستوى العالم، وأن مرحلة الجشع الربحي ولت وإذا تم تحميل القطاع الخاص المشاكل الاجتماعية والتعليمية وتنمية المهارات لن يزيد إلا الشركات الخاسرة والتي سوف تودي إلى رفع الأسعار وزيادة التكاليف وتعثر المشاريع، القطاع الخاص يعيش على الإنتاجية والربحية والتي بدونها لن يكون مصيره إلا الخسارة والإفلاس ولن يتردد رجل الأعمال الناجح في فصل ابنه إذا وجد أن ابنه قد يؤدي به إلى الخسارة، وأنا متفائل بكم الخريجين والخريجات الكبير من الداخل والخارج والمنافسة الكبيرة وأرى بوادر النظرة الاحترافية للعمل والمنافسة بينهم للحصول على التدريب والتأهيل اللازم وأرى استعداد الكثير منهم للتنقل والعمل الجاد، وأرى أن خلال الخمس سنوات القادمة سوف نرى سيطرة شبه تامة للعنصر النسائي على الوظائف الإدارية والموارد البشرية ونظم المعلومات لما يتمتعون به من إخلاص والتزام ومهارات لغوية عالية جداً مقارنة بأقرانهم من الشباب.

بيوت الخبرة:

تطرق الأستاذ عبدالعزيز في مقالته إلى بيوت الخبرة وأنها كانت وراء نجاح ألمانيا واليابان وأرى أن بيوت الخبرة نتيجة وليست سبب، لن تقوم وتترعرع بيوت الخبرة إلا بالعنصر البشري المؤهل على مدار أجيال فإذا توفر هذا العنصر تم بناء بيوت الخبرة على أساسه، عندما فكرت شركة مايكنزي التوسع خارج الولايات المتحدة بدأت ببريطانيا وألمانيا لتوفر الموارد البشرية العالية المستوى الذي تسعى لاستقطابهم، استطاعت بيوت الخبرة مثل بكتل وبارسونز أن تجعل مدينتي الجبيل وينبع من أفضل المدن على مستوى العالم، نستطيع أن نؤسس بيت خبرة سعودي بين ليلية وضحاها بجمع أفضل من يحمل الدكتوراه في الجامعات السعودية في أغلب التخصصات ولكن هل يكفي التأهيل الأكاديمي لتقدم خبرات تطبق على الواقع؟ الجواب لا يكفي لأن الخبرة الأكاديمية لمهندس إنشائي يمكنه أن يدرس تصميم الجسور ولكن ليس لديه الخبرة العملية الاحترافية لتصميم جسر بشكل متكامل ويحتاج دعم من عدة تخصصات دقيقة، بيوت الخبرة تحتاج إلى عدد هائل من الموارد المتخصصة ذات الخبرة فتجد لدى هذه البيوت مكتب في اليونان لمشاريع التربة ومكتب في دبي لمشاريع الأبراج ومكتب في مصر لمشاريع الطرق ومكتب في الفلبين للدعم الفني، نحتاج الكثير من العلم والعمل لعمل بيوت خبرة بمستوى عالمي.

أرجوا أن لا أكون قد أطلت في النقاط أعلاه والتي أرى أنها توضح النقاط التي ذكرها الدكتور عبدالعزيز من وجهة نظري الشخصية بشكل كامل ومن خلال عملي في القطاع الخاص لأكثر من ٢٠ سنة ولا أدعي أنها تمثل رأي القطاع الخاص بشكل عام والذي يحوي الخبرات المختلفة بمختلف المشارب.

الأسلوب القصصي في الكتابة والعروض

تخرجنا من الجامعة بمهاره جيده للكتابة باللغة الإنجليزية والتي تميز خريجين جامعة البترول عن غيرهم والتي ركزت عليها الجامعة في   السنة التحض...