السبت، 10 نوفمبر 2018

تقنيات ومواد البناء بين الممكن والمجدي


أعلنت وزارة الإسكان عن قيامها ببناء منزل مطبوع وعرضت المنزل وأعمال البناء عن طريق طابعة ومواد بواسطة شركة هولندية، والذي تلقفه الناس والإعلام بشغف لعله يكون الحل الناجح لحل مشكلة الإسكان المستعصية.

هنا أود أن أُدلي بدلوي في موضوع طباعة المباني مستعيناً بما درست وخبرت في مجال الهندسة والبناء خلال ٤٠ سنة الماضية.

اعتمد الإنسان منذ الأزل على مواد البناء المتاحة حوله لبناء مسكنه، فنحت في الجبال منازل وبنى بالحجارة الجدران العالية واستخدم الأخشاب للأسقف وإذا لم تتوفر استخدم الطين، لذلك نجد التباين في أنواع المواد وطرق البناء في كل بلد ويثير استغرابنا استمرار بناء المنازل في أمريكا بالأخشاب رغم تعرضها للدمار بصفة دورية بالأعاصير وحرائق الغابات، والسبب الرئيسي انخفاض تكلفة بنائها لتوفر الأخشاب وقيام بنية صناعية لتصنيع وبناء المنازل الخشبية بأقل التكاليف.

كانت المنازل القديمة في المملكة تُبنى في كل منطقة بما يتاح من طين وحجارة وأخشاب إلى أن أنعم الله علينا بنعمة البترول والذي على أثره عم الرخاء المعيشي من توسع في المباني والمدن، لم تستطع مواد البناء التقليدية الصمود مع تطور مواد البناء من الاسمنت والخرسانة والحديد التي أثبتت أنها أفضل المواد المناسبة لبناء منازل معمرة تتحمل الظروف المناخية القاسية وأسلوب الحياة الحديث.

طباعة المنازل بالتقنيات الحديثة أراها تطور قادم ولكنه لايزال في مراحل البحث الأكاديمي الأولي ولا يرقى إلى أبحاث صناعية جادة لإنتاج المنازل بطريقة صناعية تخفض التكلفة مع المحافظة على الجودة. لم تستطع تقنيات طباعة المنازل أن تبني أكثر من الجدران وباستخدام مواد اسمنتية عالية اللزوجة والتدفق، لا للضرورة البنائية وإنما ليمكن استخدامها في الطابعة، البناء نظام متكامل من عدة أنظمة "إنشائية، معمارية، كهربائية، وميكانيكية" تستخدم جميع أنواع المواد في الطبيعة من حديد ونحاس ورمال وحجارة وبلاستك والمنيوم من المستحيل طباعتها. 

ولو افترضنا جدلاً قدرة طباعة البناء على تنفيذ مسكن متكامل فبكم؟ لا يمكن أن تستطيع طابعة المنازل المزعومة أن تبني جدار غرفة واحدة بأقل من تكلفة البناء التقليدي باستخدام الطابوق الاسمنتي المفرغ، لا يحتاج الموضوع هندسة أو خبرات لمقارنة وحسبة لتكاليف الرأسمالية لمعدات وبرامج الطابعة والمواد الاسمنتية الخاصة بها مع تكاليف الطابوق الاسمنتي المتوفر في القرى والهجر والمونة الاسمنتية ومصنعيات البناء التي هي عندنا الأرخص في العالم.

وهنا أرى تناقض واضح بين قيام الوزارة بالترويج لهذه التقنيات المكلفة جداً وسعيها الدؤوب للوصول إلى أقل تكاليف لبناء المساكن. 

وأخيراً أود أن أشكر الوزارة على حسها التقني وتطلعها إلى تقنيات بناء حديثه تفتح الآفاق العلمية والهندسية وأود أن أنصح الوزارة الموقرة بأن عملهم يتركز على توفير السكن وليس تقنيات البناء والتي أرى أن يتركوها للجهات البحثية والسوق لتطويرها وتحويلها من طاولات البحث والتطوير الأكاديمي إلى المصانع.

أرجوا أن لا تنسى الوزارة الموقرة أنه تم تشكيلها لحل أزمة الإسكان وليس عمل أبحاث لتقنيات البناء قد يكون لها أثر في حل الأزمة على المدى الطويل، أرجوا أن تركز الوزارة إمكانياتها لتأمين الأراضي وتطويرها ومساعدة المواطنين على بنائها بما يتوفر في السوق من تقنيات أثبتت جدواها الاقتصادية ولها بنية تحتية من المصانع وطرق الإمداد، أرجوا أن لا تتحمس الوزارة لعمل الممكن وتنسى الأجدى والتي قد تنتهي إلى ما انتهت إليه سيارة غزال والتي دغدغت العواطف والعقول بتأسيس صناعة سيارات ذهبت بها رياح الجدوى واستحالة منافسة صناعة السيارات العالمية بين ليلة وضحاها.

 

الأسلوب القصصي في الكتابة والعروض

تخرجنا من الجامعة بمهاره جيده للكتابة باللغة الإنجليزية والتي تميز خريجين جامعة البترول عن غيرهم والتي ركزت عليها الجامعة في   السنة التحض...