الجمعة، 3 أغسطس 2012

التذمر الهندسي

من خلال من خلال متابعتي لكثير من المغردين المهندسين في توتير لمست الكثير من التذمر من المهندسين من واقع المهنة والكادر حتى وصل التذمر من البعض إلى الندم على اختيار الهندسة كتخصص، فكرت كثيراً في أسباب هذا التذمر وقررت أن أبحث بعمق في هذا الموضوع محاولاً أن أصل إلى نتيجة تفيدنا معشر المهندسين وتخرجنا من دوامة التذمر إلى العمل على تحويله إلى طموح بناء. 

ذكر أحد المغردين بأن المجتمع والدولة لا تُقَدِّر المهندسين السعوديين ولا تضعهم في الخانة التي يستحقونها كبناة للحضارة، وللإجابة وجدت أنه يلزم تحديد كم عددنا نحن المهندسين وماهي مساهمتنا في المجتمع التي تدعونا إلى طلب وضع خاص من هذا المجتمع، أفضل لغة نفهمها هي لغة الأرقام والإحصائيات، لجأت إلى موقع وزارة التعليم العالي، استخلصت من صفحة احصائيات الخريجين على مدى ٢٠ سنة الماضية نتيجة مزعجة وهي أن إجمالي الخريجين من عام 1991م إلى ٢٠١٠م من كليات الهندسة من جميع جامعات المملكة لم يتجاوز ٢٨٠٠٠ مهندس بمعدل ١٤٠٠ مهندس سنوياً، والذي يعتبر رقماً متواضعاً جداً مقارنة باحتياجات الصناعة والبناء في المملكة. وللمقارنة تم زيارة موقع نقابة المهندسين الأردنيين وجدت أن إجمالي المهندسين المسجلين إلى نهاية عام ٢٠١١م بلغ ٩٨٠٠٠ مهندس، وزيادة في المقارنة ذكر لي أحد الأخوة في الهيئة أن أعداد المهندسين الأجانب في المملكة بلغ أكثر من ١٠٠٠٠٠ مهندس. 

من هذا كله نستخلص أن أعداد المهندسين السعوديين لا زالت غير كافية لإثبات وجود وتأثير على المجتمع للحصول على المكانة التي يطمحون إليه، حيث لا يزال الاعتماد نسبة كبيرة على المهندسين الأجانب في جميع مناحي التنمية، ومن التأثيرات السلبية لقلة العدد للمهندسين السعوديين نجد أن فترة التدريب والتأهيل الهندسية الفنية تختصر بشكل كبير ليصبح المهندس السعودي في أغلب الجهات الحكومية في موقع الإدارة والتي تحرم المهندس من الخبرات الهندسية وتبعده الأعباء الإدارية عن الهندسة تدريجياً إلى أن يصبح إداري أكثر منه مهندس.

شكوى المهندسين من انخفاض المرتبات الحكومية والحاجة إلى الكادر لتصحيح الوضع تحتل مرتبة عليا ضمن التذمرات الهندسية، ومن خلال خبرتي في المجال الهندسي في الإدارات الهندسية الحكومية والقطاع الخاص والتجارب المتبعة في جميع دول العالم، أجد أن الرواتب والمميزات لدينا تتناسب مع الأداء وحجم العمل المطلوب من المهندس الحكومي ومن أراد زيادة الدخل فعليه بالقطاع الخاص والذي يزيد مرتبات المهندسين المبتدئين فيها عن ١٢٠٠٠ريال شهرياً، عندما ذكرت رأيي هذا لأحد المغردين المهندسين أجابني بأنه لن يبع صحته وأعصابه للقطاع الخاص لأن العمل لديهم مضني، نعم العمل مضني ويمكن سؤال أحد المهندسين السعوديين الشباب الذين يعملون في شركات سابك عن متطلبات العمل الصعبة في المصانع والتي يقابلها رواتب مجزية تزيد عنى٣٠٠٠٠ ريال شهرياً لمدراء الأقسام وتمليك للمنازل ومميزات ضخمة عن التقاعد لضمان استمرار عملهم. 

 في الختام أرى أن التذمر الهندسي وعدم القناعة بالواقع يمثل جزء من الطموح الذي يعتبر إيجابياً إذا اقترن بالجد والاجتهاد والأخذ بأسباب النجاح، ويقع علينا كمجتمع بجميع أطيافه مسئولية كبرى لإعداد أبنائنا لزيادة أعداد المهندسين كمَّاً وكيفاً. 

 

الجمعة، 27 يوليو 2012

محجوزات ارمكو والوسط المرفوع

 
 المتتبع لموضوع محجوزات ارمكو والأزمة العقارية التي تسببها يعجب مثلي أن شركة ارمكو قد رفعت جميع الحول الوسطية واحتمت بقدسية المحافظة على الثروة الوطنية البترولية وتعارضها مع فسح المخططات. 

ومن خلال المتابعة للجدال الحاصل بين الطرفين (العقاريين وارامكو) تجد أن الطرفين أصحاب قضية كل طرف مستميت لدعم حقة، حيث تجد العقاريين يجادلون بأنهم اشتروا الأرضي بصكوك شرعية وتم بيعها وتداول أسهمها بين المواطنين ولم تعترض ارامكو عليها إلا عندما تم البدء في أعمال التطوير، من جهة أخرى تدافع ارمكو عن موقفها بأنها تتصرف حسب الأوامر الملكية بعدم فسح أي مخططات إذا كانت تتعارض مع خطط ارامكو لأعمال التنقيب والنقل والذي يمثل العصب الاقتصادي الأول للمملكة. 

وبعمل بحث قوقلي سريع لموقع المحجوزات المختلف عليها وتقنيات تنقيب البترول ونقله توصلت إلى المعلومات التالية:

1.   المحجوزات المختلف عليها يقع جلها في المنطقة المحدودة بين طريق ابو حدرية إلى مطار الملك فهد والتي تمثل التوسع العقاري الوحيد من جهة الغرب لمدينة الدمام، ومع أنني والكثير من المواطنين غير متعاطفين مع العقاريين إلا أنني أرى أن الاستمرار في حجز هذه المنطقة سوف يؤجج الاحتكار ويمنع فرص زيادة المعروض من الأرضي في هذه المنطقة.

2.   بزيارة سريعة إلى مواقع شركة ارمكو تجد الشركة تتباها بتقنيات التنقيب الأفقية والتي تمكن من الوصول إلى مكامن الزيت من موقع حفر واحد والمطبق في حقل المنيفة وشيبة وحرض والكثير من المواقع ويتم التحكم بها عن بعد من مركز التنقيب في الظهران، ويمكن لشركة الزيت العتيدة أن تسحب النفط من تحت هذه المخططات أو حتى المدن القائمة.

3.   تسمح جميع أنظمة العالم بمرور أنابيب النفط والغاز عبر مناطق المأهولة مع أخذ الاحتياطات الهندسية اللازمة من حرم للأنابيب يمثل قطر الانفجار بالإضافة إلى وضع جدران عازلة في الأماكن ذات المخاطر العالية.

يتضح مما ذكر أعلاه أن الحلول الهندسية للمشكلة متاحة وأنه يمكن وضع الاشتراطات الهندسية من قبل شركة ارمكو لفسح هذه المحجوزات وأن على ارمكو السعودية أن تضع في حسابها أن النفط وارامكو في خدمة تنمية المواطن ورفاهه وليس العكس.

وختاماً أرى أن شركة ارمكو العملاقة والتي يديرها نخبة فذة من المهندسين والقياديين السعوديين لن تعجز عن حل هذه المشكلة مثل ما حلت مشاكل مدينة جدة التي استطاعت ارمكو خلال سنتين إنجاز ما لم يستطع أحد إنجازه في عشرات السنوات، وللمعلومية فأنا لا أملك أي أسهم أو عقارات في المناطق المحجوزة وليس لي أي صلة قريبة أو بعيدة بأي مستثمر فيها وإنما أحببت أن أشارك وطني في تقديم حل لمشكلة لأننا معشر المهندسين يجب أن نكون جاهزين لحل جميع المشاكل.

 

الثلاثاء، 29 مايو 2012

الكادر الهندسي بين السابعة ..والثامنة

السابعة هي الدرجة التي يعين عليها المهندس في القطاع الحكومي والثامنة هي ثامنة داوود الشريان. خطر على بالي هذا العنوان أمس أثناء مشاهدة حلقة الكادر الهندسي وشعرت بعدم الارتياح لما دار من نقاش وذلك لثلاثة أسباب رئيسية:


الأول:  تم طرح الكادر الهندسي على أساس أنه حل لمشكلة أخلاقية وهي مشكلة الفساد في المشاريع وأن الحل يكمن في زيادة دخل المهندس ليكون "محترف لا منحرف "حسب طرح المهندس حمود السالمي. وأرى بأن هذا الطرح سطحي جداً لأنه من المسلَّم به أن الفساد لا حدود مالية له ويصيب الفقير والغني وأكثر أنواع الفساد إيلاماً للمجتمع هو فساد الطبقة المخملية التي لا ينقصها مالاً ولا جاهاً وليست في حاجة إلى أي كادر ليردعها عن فسادها ليس في مجتمعنا فحسب بكل في كل المجتمعات الإنسانية. كذلك لن يربح من يدخل مع الفاسدين في مزايدة، فلديهم من الإمكانيات تجعلهم يفوزون بالمزايدة "الحراج" على الذمم الفاسدة بأعلى الأسعار التي سوف تتفوق على أي كادر.


الثاني:  الطرح بأن المشاريع الحكومية الترليونية معتمدة على القطاع الهندسي السعودي والذي للأسف كلام عاطفي لا يمت للواقع بأي صلة، حيث نجد الوزارات تتعاقد مع الشركات الاستشارية المحلية والعالمية للتصميم والإشراف على أعمالها بسبب بسيط عدم كفاية المهندسين السعوديين من الناحية العددية والتخصصية للقيام بمثل هذه المشاريع، حتى الإدارات الهندسية في الوزرات تجدها تعتمد على المهندسين الوافدين من جميع الجنسيات سواء بالتوظيف المباشر أو التعاقدي، ويحتاج القطاع الهندسي السعودي إلى سنوات عديدة لتلبية احتياجات المملكة من المهندسين في جميع التخصصات.


الثالث:  طرح الكادر على أساس عوائده المادية في سلم الرواتب بينما الكادر هو لائحة متكاملة لترقيات المهندسين ضمن سلم مهني يشمل اختبارات مهنية، وحسب علمي بأن الاختبارات سوف تتم عن طريق "قياس"، واعتقد بأن هذه الاختبارات لن تكون في صالح المهندسين خاصة في القطاع العام وسوف تصبح الشكوى من عدم عدالة هذه الاختبارات لبعدها عن أعمالهم اليومية التي في أغلبها ذات طابع إداري بعيد عن الأعمال الهندسية المتخصصة، ولن أستغرب أن يخصص الأستاذ داوود حلقة عن اختبارات القياس للمهندسين مثل ما تم عمله للطلاب والمعلمين.


أخيراً أرى بأن تطبيق الكادر ليس إلا خطوة بسيطة سوف تكون في الاتجاه الصحيح إذا تم تطبيقه على مراحل تبدأ بتدريب المهندسين الملتحقين بالوزارات تدريب هندسي صارم يأهلهم لبلوغ أعلى دراجات الكادر، كذلك يجب أن يكون هناك صرامة في التعليم الهندسية سواء الداخلي والخارجي والذي مع الأسف يشهد عزوف من قبل أبنائنا بسبب ضعف التعليم العام في الرياضيات والعلوم والذي سبقنا إليه أبناء الجاليات الوافدة والذي إذا استمر الفارق بين أبناءنا وأبنائهم سوف تستمر بكائيات الكادر لأجيال عديدة قادمة، واتذكر محادثة لأحد زملاء الثانوي المصريين عندما سألته لماذا لم يسجل أدبي قالليه هو أنا سعودي، أبويه حيدبحنى لأن الأدبي ما يدخلش طب أو هندسة،  رغم مرور أكثر من ثلاثين سنة على هذه المحادثة إلا أنها لا زالت تمثل واقعنا التعليمي.

الخميس، 17 مايو 2012

المقاولات الانشائية وحلم السعودة

خرجت في أحد أيام الصيف الحار جداً فإذا بصوت غناء يصدر من أحد العمارات تحت الإنشاء المجاورة لبيتي، اقتربت من مصدر الغناء فإذا به صادر من أحد عمالة اللياسة المصريين المعلق على السقالة، سلمت عليه وطلبت أن ينزل لأكلمه فنزل مسرعاً يعتقد أن لدي عمل لياسة، امتدحت عمله وسألته عن خبرته في اللياسة، فقال إنه يعمل معلم لياسة منذ أكثر من عشر سنوات وأنه كان يعمل صبي لياسة (مساعد) في مصر منذ أن كان عمرة 13 سنة وإجمالي خبرته في اللياسة والعمل الشاق في الظروف المناخية الشديدة أكثر من 20 سنة، أثمرت سنوات التدريب لمثل هذا العامل في إنتاج رجل بموصفات خاصة مناسبة لمهنته وظروفها فتجده (ما شاء الله تبارك الله) مفتول العضلات ذو أوردة وشرايين نافرة تغطي يديه ورقبته تؤمن الكثير من الدم لعضلاته ودماغه مما يمكنه انجاز العمل وتحمل حرارة الصيف بدون أن يفقد وعيه من ضربة الشمس.


دعتني هذه المشاهدة للتفكير في إمكانية سعودة مثل هذه الأعمال وخلصت إلى نتيجة فورية بأنه من المستحيل على أبناء السعودية العمل في مثل هذه الأعمال الشاقة لعدم وجود بنية مهنية لمثل هذه المهن التي تحتاج إلى تدريب مضني من الصغر ليتمكن من احتراف المهنة  وتحمل أعبائها، كذلك يعيش المواطن مستوى من الرخاء (مهما كان مستواه) يجعل مثل هذه المهن غير مجدية بالنسبة له.
ومن خلال خبرتي في مجال البناء أرى بأن أفضل تقنيات البناء التي يمكن أن تساهم في سعودة قطاع البناء والإنشاءات هي نفس الحلول التي تبناها الإسكندنافيتين والروس والتي ساعدتهم في التغلب على نقص العمالة والظروف المناخية الشديدة البرودة، لقد عمدوا إلى تحويل البناء من الموقع إلى المصنع، يتم ذلك باعتماد أنظمة بناء تعتمد على تصنيع مكونات المبنى الرئيسية داخل المصنع ونقلها جاهزة إلى الموقع لتركيبها بأسرع وقت وباستخدام الرافعات وبأقل عمالة ممكنة، دخلت هذه التقنية إلى سوق البناء السعودي من الثمانيات تحت مسمى الخرسانة مسبقة الصب ولقيت نجاح في المشاريع الكبيرة، إلا أنها لم تلق نجاح كبير في المشاريع المتوسطة والصغيرة .


أرى بأن هذه التقنية واعده لتوظيف الكثير من السعوديين إذا استطاع قطاع البناء الاتفاق على مواصفات قياسية لعناصر البناء ليمكن تصنيعها بشكل صناعي في مصانع ذات تقنية عالية بعيداً عن العوامل المناخية القاسية، لقد تمكن قطاع البناء في روسيا من الاتفاق على مواصفات قياسية للقواعد والأعمدة والجسور وبلاطات الأسقف وتضمينها في كتالوج جاهز يلتزم به المهندس والمقاول والمصنع، يوضح هذا الكتالوج المقاسات القياسية لهذه العناصر وقدرة تحملها الإنشائي ليتمكن المهندس الإنشائي من اختيار العناصر الإنشائية المناسبة للتصميم من هذا الكتالوج ويقوم صاحب المصنع بإنتاج هذه العناصر بكميات تساهم في تخفيض التكلفة ويقوم المقاول بشراء هذه العناصر الجاهزة للتركيب عند طلبها مما يساهم في انجاز المشروع بأسرع وقت.


اعتقد أن الوقت مناسب جداً لتبني مثل هذه التقنيات خاصة من قبل وزارة الإسكان التي لديها العدد الكافي من المباني والمشاريع يضمن قدرتها على فرضها مع فرض سعودة خطوط الإنتاج التي يمكن أن يعمل فيها الشباب السعودي تحت ظروف بيئة تمكنهم من الاستمرار والإنتاج.


الأسلوب القصصي في الكتابة والعروض

تخرجنا من الجامعة بمهاره جيده للكتابة باللغة الإنجليزية والتي تميز خريجين جامعة البترول عن غيرهم والتي ركزت عليها الجامعة في   السنة التحض...