من خلال من خلال
متابعتي لكثير من المغردين المهندسين في توتير لمست الكثير من التذمر من المهندسين
من واقع المهنة والكادر حتى وصل التذمر من البعض إلى الندم على اختيار
الهندسة كتخصص، فكرت كثيراً في أسباب هذا التذمر وقررت أن أبحث بعمق في هذا
الموضوع محاولاً أن أصل إلى نتيجة تفيدنا معشر المهندسين وتخرجنا من دوامة التذمر إلى
العمل على تحويله إلى طموح بناء.
ذكر أحد المغردين بأن
المجتمع والدولة لا تُقَدِّر المهندسين السعوديين ولا تضعهم في الخانة التي
يستحقونها كبناة للحضارة، وللإجابة وجدت أنه يلزم تحديد كم عددنا نحن
المهندسين وماهي مساهمتنا في المجتمع التي تدعونا إلى طلب وضع خاص من هذا المجتمع،
أفضل لغة نفهمها هي لغة الأرقام والإحصائيات، لجأت إلى موقع وزارة التعليم العالي،
استخلصت من صفحة احصائيات الخريجين على مدى ٢٠ سنة الماضية نتيجة مزعجة وهي أن إجمالي
الخريجين من عام 1991م إلى ٢٠١٠م من كليات الهندسة من جميع جامعات المملكة لم
يتجاوز ٢٨٠٠٠ مهندس بمعدل ١٤٠٠ مهندس سنوياً، والذي يعتبر رقماً متواضعاً جداً
مقارنة باحتياجات الصناعة والبناء في المملكة. وللمقارنة تم زيارة موقع نقابة
المهندسين الأردنيين وجدت أن إجمالي المهندسين المسجلين إلى نهاية عام ٢٠١١م بلغ
٩٨٠٠٠ مهندس، وزيادة في المقارنة ذكر لي أحد الأخوة في الهيئة أن أعداد المهندسين
الأجانب في المملكة بلغ أكثر من ١٠٠٠٠٠ مهندس.
من هذا كله نستخلص أن أعداد
المهندسين السعوديين لا زالت غير كافية لإثبات وجود وتأثير على المجتمع للحصول على
المكانة التي يطمحون إليه، حيث لا يزال الاعتماد نسبة كبيرة على المهندسين الأجانب
في جميع مناحي التنمية، ومن التأثيرات السلبية لقلة العدد للمهندسين السعوديين نجد
أن فترة التدريب والتأهيل الهندسية الفنية تختصر بشكل كبير ليصبح المهندس السعودي
في أغلب الجهات الحكومية في موقع الإدارة والتي تحرم المهندس من الخبرات الهندسية
وتبعده الأعباء الإدارية عن الهندسة تدريجياً إلى أن يصبح إداري أكثر منه مهندس.
شكوى المهندسين من انخفاض المرتبات الحكومية والحاجة إلى الكادر لتصحيح الوضع تحتل مرتبة عليا ضمن التذمرات الهندسية، ومن خلال خبرتي في المجال الهندسي في الإدارات الهندسية الحكومية والقطاع الخاص والتجارب المتبعة في جميع دول العالم، أجد أن الرواتب والمميزات لدينا تتناسب مع الأداء وحجم العمل المطلوب من المهندس الحكومي ومن أراد زيادة الدخل فعليه بالقطاع الخاص والذي يزيد مرتبات المهندسين المبتدئين فيها عن ١٢٠٠٠ريال شهرياً، عندما ذكرت رأيي هذا لأحد المغردين المهندسين أجابني بأنه لن يبع صحته وأعصابه للقطاع الخاص لأن العمل لديهم مضني، نعم العمل مضني ويمكن سؤال أحد المهندسين السعوديين الشباب الذين يعملون في شركات سابك عن متطلبات العمل الصعبة في المصانع والتي يقابلها رواتب مجزية تزيد عنى٣٠٠٠٠ ريال شهرياً لمدراء الأقسام وتمليك للمنازل ومميزات ضخمة عن التقاعد لضمان استمرار عملهم.
في الختام أرى أن التذمر الهندسي وعدم القناعة بالواقع يمثل جزء من الطموح الذي يعتبر إيجابياً إذا اقترن بالجد والاجتهاد والأخذ بأسباب النجاح، ويقع علينا كمجتمع بجميع أطيافه مسئولية كبرى لإعداد أبنائنا لزيادة أعداد المهندسين كمَّاً وكيفاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق