الثلاثاء، 20 ديسمبر 2022

ارث المزارع في الجنوب

 يتكرر مقولة انتم يأهل الجنوب تحرمون النساء من الإرث وارغب في هذه المقالة ان أوضح للجميع ما توصلت اليه من إجابة ارجو ان تكون شافية وافيه ليس رغبة في الجدال وانما للإيضاح و فهم الموضوع من جميع جوانبه.

الجانب الأول الذي يغيب على الكثير هو وعورة المناطق الجبلية وندرة الأراضي الزراعية والتي تشكلت عبر العصور الطويلة بعرق ودماء الأجداد في سعيهم لتكوين مسطحات طينية للزراعة والتي اما تعتمد على الري من الابار او سقيا الامطار والتي تسمى (عثري) والتي اعتقد انها اختصار ( على الثرى) أي معتمده على ندى التربة الناتج مع رطوبة الهواء او الامطار. ارتبطت حياة الناس في المناطق الجبلية بالمزارع والتي يسميها الجنوبي "البلاد" لارتباطه المادي والعاطفي بها ورفعها  من كونها مجرد مزرعة الي "بلد" تعتمد حياته عليها. لم يكن هذا الارتباط العاطفي كافي فأصبحت الأرض مرتبطه بالعزة والانفة والوجود واصبح المحافظة عليها والعناية بها من مقومات النسب العريق الي ان أصبحت مقرونه بالنفس والعرض، فمن أضاع ارضه أضاع مجهود اجداده في استصلاحها وحفر ابارها على مر الزمن وأضاع اصله. وعلى ذلك قامت الأعراف التي تحرم بيع الأراضي او التخلي عنها.

اتضح للأجداد ان تعاقب الأجيال وتفتت المزارع بالإرث كفيل بضياع وتشتت ملكية الاراض الزراعية بين الأجيال حيث ضاعت وانطمست الكثير من المزارع بسبب " انقطاع العصبة" وهي تفتت الملكية بين أجيال الورثة وانتهائها بيد الكثير من النساء الاتي لا يستطعن زراعتها. ظهر عرف " الدفره" وهو ان تدفر بمعنى تتنازل النساء او ورثتهن عن ورثهن الشرعي في المزارع لأخوتهن الرجال " العصبة" للمحافظة على وحدة "البلاد" في ملك العائلة للاهتمام بها. ويتم الاحتفال بهذه الدفره بإقامة وليمة لإشهار هذا التنازل والتي بعدها يرفع اهل النساء راية او علامة بيضاء ويقال "نص ال فلان البيضاء لأنسابهم من ال فلان" حتى ينتشر الخبر ويعلمه الجميع.

الجانب المهم في موضوع تنازل النساء عن ملكيتهم في الأراضي الزراعية اوضحته احدى النساء عندما سألها الشيخ عن سبب تنازلها وهل هي مغصوبه قالت : ابغى ابعد عيالي من أخوالهم في بلاد بوي وهم عوال العرب لا يعود يتذابحون على المسكرة. وهنا يتضح الدور الكبير للأعراف في درء المشاكل قبل ان تقع. كذلك تتسابق العائلات الي دفر املاكهم من حصص امهاتهم حتى تتحقق " ادفر حق امك حتى لا يأتيك من يطالب بحق امه ". وهناك الكثيرات يرفضن التنازل والذي كان من المنبوذ عرفيا ويعاير من يأخذ ورث امه في الأرضي الزراعية  بانه " طايحه" لأنه طاح على أخواله وأهله ما ورثوا له بلاد والذي بالتأكيد يتفاداه الاغلب.

كل ما سبق يعطي نبذه بسيطة حسبما سمعته من كبار السن رحم الله من مات وبارك في اعمار من بقي.  حالياُ لا زالت هذه الأعراف مطبقة في الكثير من القرى الزراعية والتي تتنازل اغلب النساء عن ارثهم فيها للمحافظة عليها بيد العائلة الا ان ذلك لا يعني حرمانهم من التعويضات المالية التي نتنج من نزع الملكية او تحويل هذه الأرضي ألي أراضي تجارية.

 ارجو ان أكون وفقت لتوضيح موضوع الأراضي الزراعية الشائك عندنا في الجنوب والذي لا ينفي ان هناك من يحرم النساء من ارثهم سواء في أراضي او أملاك زراعية او غيرها في الجنوب او غيره والتي أصبحت تعج بقضاياها المحاكم في كل مكان.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الأسلوب القصصي في الكتابة والعروض

تخرجنا من الجامعة بمهاره جيده للكتابة باللغة الإنجليزية والتي تميز خريجين جامعة البترول عن غيرهم والتي ركزت عليها الجامعة في   السنة التحض...