الأجنبي لفظ دارج بيننا معشر
السعوديين نطلقه على كل من هو غير سعودي أو غير خليجي ونطلقه على العرب والعجم
والمسلمين وغير المسلمين ممن قدموا إلينا للعمل فيما لم نستطيع إتقانه أو لا نرغب
في ممارسته.
قررت أن أكتب هذه المقالة بعدما
دخلت في مناقشات عديدة في مواقع التواصل الاجتماعي حول علاقتنا بالأجانب من
الناحية الاجتماعية والاقتصادية، وقد رأيت أن أسرد تجاربي وخبراتي الشخصية في
العمل والدراسة مع مختلف الجنسيات على مر تاريخي الدراسي والعملي والتي أرجو أن أستخلص
منها ما يفيد.
كان أول معرفتي واحتكاكي
بالأجانب عندما كان عمري خمس سنوات حينما تعرفنا على جارنا الفلسطيني "أبو
سناء"، كان أبو سناء يعمل في أحد الشركات وكنا نستغرب ملابسهم وأكلهم وطريقة
معيشتهم المختلفة كليا عنا، حيث قدمنا للتو من القرية وهم كانوا قادمين من لبنان
والأردن.
كنا نستغرب أن أم سناء تجيد
القراءة والكتابة وتعلم أطفالها وهي تطبخ، تعلمت أمي رحمها الله الكثير من أم سناء
وخاصة الطبخ الشامي واستخدام زيت الطبخ بدلاً عن السمن، كان أبي رحمه الله ينظر إلى
أبو سناء باحترام شديد واجلال ويقول هذا متعلم ويعرف اللغة الإنجليزية وكيف استطاع
بعلمه أن يتغلب على احتلال بلده ويعيش في السعودية أفضل عيشة من أهلها.
كان أبو سناء محافظ جداً على
الصلاة وقراءة القرآن وصيام رمضان والست من شوال وكنا نستغرب تناقض هذه المحافظة
الدينية مع طريقة لبس عائلته للقصير وعدم تغطية الشعر وعدم لبس العباية والذي كان
سائداً في الستينات والسبعينات الميلادية.
كانت أمي رحمها الله ترسلني
لأذاكر مع أبناء أم سناء والتي كانت تجمعنا على طاولة الطعام في المطبخ والذي
أتذكر تفاصيله جيداً والتي لا تختلف عن مطابخنا الحالية، بعد أكثر من 40 سنة كانت
تعلمنا العربي والإنجليزي والحساب بكل حماس وهي تطبخ وهي تعمل المخللات وهي تعمل
الخبز بالزعتر، كانت طريقة حياتهم مختلفة زاخرة بألوان في الطعام والشراب والملبس
ارتبطت في اذهاننا جميعا بطريقة حياة الأجانب حتى شرب المياه، كانوا يشربون مياه
"الصحة" في قوارير ونستغرب أنهم يشترونها بينما نحن نشرب من مياه
"البزبوز" التي لا نعرف أنها مالحة إلا بعد عودتنا من الجنوب.
تمكن أبي رحمة الله عليه من
الكفاح وتحسين مستوى معيشتنا بالمكيف وتفصيل مطبخ بلدي (لا يرقى إلى مطبخ أم سناء)
ولكنه أصبح ضروري لاستيعاب قدور وصحون أمي بعد أن تعلمت الكثير من الطبخات التي أضافت
على مائدتنا الكثير من الألوان.
كان أبي يعمل بنفسه في قلاب
يملكه ولما تطور العمل وظف عدد من الأقارب لسياقة القلابات الإضافية والذي يعمل
معهم يومياً ويحاسبهم باليومية.
مع بداية الطفرة العمرانية
منتصف السبعينات أصبح هناك شح شديد في اليد العاملة والذي غطته العمالة اليمنية وبالتدريج
اختفى العامل والسائق السعودي لانفتاح الفرص أمامهم في العسكرية والأعمال الحرة وأصبح
جميع العاملين عند والدي رحمة الله من الجنسية اليمنية وبعض العمانيين الذين
اختفوا من سوق العمل السعودي بعد تولي السلطان قابوس الحكم.
كنت ألزم أبي رحمه الله في
العطل الصيفية في العمل من الصباح حتى المساء وكان رحمه الله يعامل العمالة
اليمينة التي تعمل معه برحمة شديدة تكاد تكون أقرب إلى الأبوة والتي لم تؤثر في
حزمه وعدم قبوله للكسل وانخفاض الإنتاجية، كان يأكل معهم ويلاطفهم ويعطيهم السلف
لإرسالها إلى أهلهم وكان حريص أشد الحرص على استلامهم مرتباتهم وحقوقهم رغم عدم
وجود أي أنظمة للعمل والعمال، كل هذا جعل للوالد رحمه الله الكثير من السمعة
الطيبة لدى مجتمع العمالة اليمينة وصلت قرى اليمنيين وجعلهم يشدون الرحال من اليمن
للعمل مع "أبو علي"، كذلك حصل رحمه الله على ولاء وإخلاص من العمال جعل
الكثير منهم يعمل لدية لأكثر من 30 سنة ويخلصون له في العمل والأمانة مما مكنه من
نجاحات كبيرة.
دخلت الثمانينات وازدادت معها
تعقيدات وتقنيات الأعمال والتي نقلتها من الأعمال اليدوية إلى المصانع والمعدات
الكبيرة ذات الإنتاجية العالية والتقنيات المعقدة، لم تستطع العمالة اليمنية
مواكبة هذه التقنيات كماً وكيفاً والذي دعا الدولة السماح باستقدام العمالة
الاسيوية، كانت تايلند أول وجهه لاستقدام العمالة لشركة أبي رحمه الله، وقد كان
للعمالة التايلندية التأثير الإيجابي على العمل من أول يوم وصولهم لما يتمتعون به
من المهنية وتعدد المهارات واهتمامهم الشديد بالعمل والمعدات خصوصا.
كان سائق المعدة يهتم بمعدته
مثل أحد أبنائه ويتعهدها بالصيانة والنظافة بدون أي تعليمات والذي لم نعهده في
العمالة اليمينة أو السعودية، كان أغلب العمالة التايلندية يجيد اللحام والنجارة
والحدادة كمهارات ثانوية بالإضافة إلى عملة.
في المدراس كان مدرسين القواعد
والحساب والعلوم من مصر والأردن وسوريا ومدرسين القرآن والمواد الدينية
والاجتماعية والفنية سعوديين (وللأسف لازال الوضع على ما هو عليه في مدراس أبنائي
الخاصة)، كان المدرسين المصريين مميزين جداً ومعلمين محترفين، بينما كان
"الشوام" كما كنا نسميهم قاسين ويستخدمون الضرب المبرح حتى بالحذاء، كنت
أشكوا لأبي رحمه الله أن أحدهم ضرب الفصل كلة بالحذاء، قال "تستأهلون"
كان الطلاب الأجانب من مصريين وفلسطينيين وسوريين مهتمين جداً بالدراسة ومهما أبدينا
من اهتمام لم نستطع أن نبلغهم تحصيلاً ودرجات، عرفت سبب هذا الاهتمام الكبير
بالدراسة عندما ذهبت مع أبي إلى عيادة الدكتور نسيم (طبيب الأطفال الباكستاني الذي
حصل على الجنسية السعودية)، كانت شقته في الدور السابع وعندما كنا نتسلق الدرج
سمعنا صوت بكاء طفل وشجار وصلنا دور الشجار فإذا بشخص شامي الملامح يضرب ابنه
بطريقة عنيفة جداً لأنه لم يحفظ جدول الضرب تدخل أبي ومنعه قائلاً: أنت تبغى
تعلمه ولا تذبحه، قال يا أخي هذا فلسطيني إذا ما تعلم انرمى في الشارع، أكملنا
المشوار وأبي يقول شفت كيف يهتمون بتعليم أبنائهم.
دخلنا على الدكتور نسيم رحمه
الله والذي احتفل بأبي وأخذه بالحضن الباكستاني العريض قائلاً: كم سعر
"الكنكري" يا بوعلي، واذكر أن أمي رحمها الله كانت تتضايق من
اهتمامه بالكنكري عندما يكون أحد أبنائها مريض، كان مهتم بسعر الكنكري لأنه
يبني عمارات بعد أن حصل مع العديد من الأطباء بأمر من الملك فيصل رحمه الله
لتشجيعهم على البقاء في المملكة، قال الدكتور نسيم لوالدي بعربية مكسرة: أبو
علي لازم اهتمام تعليم لابنك يصير طبيب، أنا إبني لازم يصير طبيب حتى يلاقي شغل
حتى في جيزان.
استمرت علاقة عائلتنا بالدكتور
نسيم إلى الجيل الثالث، وإلى أن تقاعد عن العمل رحمه الله.
تخرج ابن الدكتور نسيم طب من
جامعة الملك فيصل وبعثه على نفقته إلى أمريكا للإكمال دراسته، وقد كان يدرس معي في
الثانوية ويتكلم العربية باللهجة الدمامية .
كان الدكتور محمد ظفر مثل الدكتور نسيم، دكتور باطنية متجنس وكان هو الآخر
طبيب العائلة والأقارب لتخصص الباطنية وقد أكمل أحد أبنائه مسيرة والده في العيادة.
قُبلتُ في جامعة الملك فهد للبترول
والمعادن في أوائل الثمانيات وكان معظم الأساتذة في ذلك الوقت من الأمريكان
والبريطانين والعرب والقليل من السعوديين، كان نظام جامعة البترول آنذاك يشترط
نسبة عالية من المدرسين الأجانب من الدول المتقدمة لضمان جودة التعليم والالتزام.
هذه النظام مكن الجامعة من
الحصول على اعتمادات مالية عالية لتتمكن من تغطية تكاليف الكادر التعليمي وتوفير
بيئية سكنية عالية المستوى تمكن من استمرارهم في الجامعة أطول وقت ممكن.
تخرجت عام 1986م ووجدت وظيفة في
إحدى الإدارات الهندسية بعد أن علمت أن لديهم مشاريع كبيرة، طلبت أن أعمل في القسم
الهندسي فكان رد شؤون الموظفين: "أيش تبي به كله أجانب" فقلت أزين وأزين
أبي أتعلم منهم، دخلت قسم أنظمة الميكانيكية لأنه كان تخصصي الدقيق وكان رئيس
القسم المهندس عطا باكستاني والذي استغرب اختياري للقسم وبدأت العمل، كان القسم الهندسي
بالكامل فيه 95 مهندس ورسام كلهم أجانب ما عدى 3 رسامين سعوديين وأنا.
كان العمل الهندسي آنذاك مضني جداً بسبب الرسم
والتحبير اليدوي وكانت الإنتاجية عالية جداً بسبب صرامة العمل، كنت أذهب لأحضر
الشاهي وأعمل معي الشاهي للمهندس عطا والذي كان له الأثر الكبير على نفسياتهم
والذي كان محط استهجان الزملاء السعوديين وكان ردي بأني اعتبرهم معلمين لي
ويجب تقديرهم واحترامهم، استفدت كثيراً من عملي في القسم الهندسي والذي لا أنساه إلى
اليوم.
وأخيراً من الجولة السابقة في
بعض محطات حياتي يتضح التأثير الإيجابي والخبرات الكبيرة التي اكتسبتها من
ممارساته الحياتية مع من نسميهم "الأجانب" والذي كان لهم دور أساسي
في تكويني الإنساني والمهني والقيادي.
اعتقد أننا أفضل شعب في العالم
في التعامل مع الأجانب ولكن ينغص هذا التعامل بعض السلبيات التي تطغى على الإيجابيات،
من هذه السلبيات التعالي بالجنسية واستغلال سطوة الكفيل في التنكيل والظن أن
الاستقدام والكفالة تعطي الحق بالاستعباد، تطغى هذه السلبيات لأنها تدخل في أعماق
الأنفس البشرية وتترك جروح غائرة وتترك أثر سيّء علينا جميعاً على المستوى العالمي،
اعتقد أننا معشر السعوديين نحتاج أن نتصالح مع أنفسنا أولاً وأن نبعد عنا
السلبيات المناطقية والقبلية التي نفرغها على بَعضُنَا وإن لم نجد أحداً منا
أفرغناها على أقرب أجنبي.
اعتقد ان مسيرتك يابوعبدالعزيز تحتاج كتاب لأنك مدرسه نتعلم منها كل يوم ،،
ردحذفأنت رمز تستحق الإحترام و التقدير
ردحذفأنت قدوه تستحق أن يقتدى به
ومقالك رائع
حيث ذكرت لنا سيرتك العطره
و امتدحت الأجنبي الذي شاركنا النهضة الاقتصادية
و ساهم بجهده و وقته و علمه
أسديت الفضل لأهله
شكرا لك
أيها العصامي الفذ المحترم
كان ذاك في الماضي
ردحذفوانت قلتها كان لديهم امانه
لكن الان ماذا يفعل الأجنبي ايه الأجنبي مع اني قبل 5 سنين كنت اقول المقيمين لكن الان اقولها الأجنبي
سواق الخص بعض تجاربي معهم ويعلم الله اني لن أزيد او افتري عليهم
الأجنبي الان يكرة السعودي كره حتى وصل بهم الحقد والغيرة والمثل يقول كل ذي نعمه محسود
الأجنبي يضايق الشباب السعودي الذي يريد ان يعمل في الاعمال الحرة اما سوق الخضرة او اتصالات او ملابس و و و
الأجنبي اذهب لمراكز الشرطه وسوف تعرف مصايب الأجنبي
الأجنبي غشاش ايه نعم غشاش والتعميم من لغه الجهلاء لكن الاغلبيه منهم وجرب خذ لك كذا فني لعمل اي عمل في المنزل
الأجنبي استغلالي وجرب الان بنفسك
الأجنبي يسب السعودي في كل مجلس ومكان وحصل حيث بدا لبناني مع مصري شي السعوديين ولم يعلم باني سعودي
ومن كلامه يقول انه هم من عمروا البلد يخسئ من عمر البلد خير البلد وفلوس البلد ولا لهم اي فضل في ذلك لان كل عمل كان مقابله مقابل
مهما اكرمت في الأجنبي لازم يخونك وهذا الاغلبيه
الان هم جوا للبحث عن المال باي طريقه حلال ام حرام
سمعت من واحد يماني يقول لصاحبة كيف تشتغل عند السعودي انت افتح لك شغل بنفسك
كل ماكتبت من واقع تجربه من الميدان فأنا اعمل مهندس ودخلت وسطهم حتى صرنا نأكل ونشرب وندخل ونطلع معا لكنهم خونه الأغلب
أفضل من قابلت الجنسيه الفلبينية وهم الوحيدين الي يجي يستفيد ويفيد البلد
والبقيه يجي يستفيد ويضر البلد
فشتان بين الماضي والحاضر
اعتذر عن الأخطاء الإملائية 😊
ردحذفمقال جميل، يمثلني ويمثل ما اعتقد أنه الصحيح
ردحذفعندما تخالط أشخاص من أصحاب ثقافة مختلفه وعلوم وفكر وخبرات جديدة عليك في الغالب راح تكون محطات تغيبر في حياتك
ردحذفسلمت وسلم قلمك
ردحذفلا فض فوك
ردحذفاشكرك على هذا السرد الجميل والممتع..
ردحذف