الثلاثاء، 29 مايو 2012

الكادر الهندسي بين السابعة ..والثامنة

السابعة هي الدرجة التي يعين عليها المهندس في القطاع الحكومي والثامنة هي ثامنة داوود الشريان. خطر على بالي هذا العنوان أمس أثناء مشاهدة حلقة الكادر الهندسي وشعرت بعدم الارتياح لما دار من نقاش وذلك لثلاثة أسباب رئيسية:


الأول:  تم طرح الكادر الهندسي على أساس أنه حل لمشكلة أخلاقية وهي مشكلة الفساد في المشاريع وأن الحل يكمن في زيادة دخل المهندس ليكون "محترف لا منحرف "حسب طرح المهندس حمود السالمي. وأرى بأن هذا الطرح سطحي جداً لأنه من المسلَّم به أن الفساد لا حدود مالية له ويصيب الفقير والغني وأكثر أنواع الفساد إيلاماً للمجتمع هو فساد الطبقة المخملية التي لا ينقصها مالاً ولا جاهاً وليست في حاجة إلى أي كادر ليردعها عن فسادها ليس في مجتمعنا فحسب بكل في كل المجتمعات الإنسانية. كذلك لن يربح من يدخل مع الفاسدين في مزايدة، فلديهم من الإمكانيات تجعلهم يفوزون بالمزايدة "الحراج" على الذمم الفاسدة بأعلى الأسعار التي سوف تتفوق على أي كادر.


الثاني:  الطرح بأن المشاريع الحكومية الترليونية معتمدة على القطاع الهندسي السعودي والذي للأسف كلام عاطفي لا يمت للواقع بأي صلة، حيث نجد الوزارات تتعاقد مع الشركات الاستشارية المحلية والعالمية للتصميم والإشراف على أعمالها بسبب بسيط عدم كفاية المهندسين السعوديين من الناحية العددية والتخصصية للقيام بمثل هذه المشاريع، حتى الإدارات الهندسية في الوزرات تجدها تعتمد على المهندسين الوافدين من جميع الجنسيات سواء بالتوظيف المباشر أو التعاقدي، ويحتاج القطاع الهندسي السعودي إلى سنوات عديدة لتلبية احتياجات المملكة من المهندسين في جميع التخصصات.


الثالث:  طرح الكادر على أساس عوائده المادية في سلم الرواتب بينما الكادر هو لائحة متكاملة لترقيات المهندسين ضمن سلم مهني يشمل اختبارات مهنية، وحسب علمي بأن الاختبارات سوف تتم عن طريق "قياس"، واعتقد بأن هذه الاختبارات لن تكون في صالح المهندسين خاصة في القطاع العام وسوف تصبح الشكوى من عدم عدالة هذه الاختبارات لبعدها عن أعمالهم اليومية التي في أغلبها ذات طابع إداري بعيد عن الأعمال الهندسية المتخصصة، ولن أستغرب أن يخصص الأستاذ داوود حلقة عن اختبارات القياس للمهندسين مثل ما تم عمله للطلاب والمعلمين.


أخيراً أرى بأن تطبيق الكادر ليس إلا خطوة بسيطة سوف تكون في الاتجاه الصحيح إذا تم تطبيقه على مراحل تبدأ بتدريب المهندسين الملتحقين بالوزارات تدريب هندسي صارم يأهلهم لبلوغ أعلى دراجات الكادر، كذلك يجب أن يكون هناك صرامة في التعليم الهندسية سواء الداخلي والخارجي والذي مع الأسف يشهد عزوف من قبل أبنائنا بسبب ضعف التعليم العام في الرياضيات والعلوم والذي سبقنا إليه أبناء الجاليات الوافدة والذي إذا استمر الفارق بين أبناءنا وأبنائهم سوف تستمر بكائيات الكادر لأجيال عديدة قادمة، واتذكر محادثة لأحد زملاء الثانوي المصريين عندما سألته لماذا لم يسجل أدبي قالليه هو أنا سعودي، أبويه حيدبحنى لأن الأدبي ما يدخلش طب أو هندسة،  رغم مرور أكثر من ثلاثين سنة على هذه المحادثة إلا أنها لا زالت تمثل واقعنا التعليمي.

الخميس، 17 مايو 2012

المقاولات الانشائية وحلم السعودة

خرجت في أحد أيام الصيف الحار جداً فإذا بصوت غناء يصدر من أحد العمارات تحت الإنشاء المجاورة لبيتي، اقتربت من مصدر الغناء فإذا به صادر من أحد عمالة اللياسة المصريين المعلق على السقالة، سلمت عليه وطلبت أن ينزل لأكلمه فنزل مسرعاً يعتقد أن لدي عمل لياسة، امتدحت عمله وسألته عن خبرته في اللياسة، فقال إنه يعمل معلم لياسة منذ أكثر من عشر سنوات وأنه كان يعمل صبي لياسة (مساعد) في مصر منذ أن كان عمرة 13 سنة وإجمالي خبرته في اللياسة والعمل الشاق في الظروف المناخية الشديدة أكثر من 20 سنة، أثمرت سنوات التدريب لمثل هذا العامل في إنتاج رجل بموصفات خاصة مناسبة لمهنته وظروفها فتجده (ما شاء الله تبارك الله) مفتول العضلات ذو أوردة وشرايين نافرة تغطي يديه ورقبته تؤمن الكثير من الدم لعضلاته ودماغه مما يمكنه انجاز العمل وتحمل حرارة الصيف بدون أن يفقد وعيه من ضربة الشمس.


دعتني هذه المشاهدة للتفكير في إمكانية سعودة مثل هذه الأعمال وخلصت إلى نتيجة فورية بأنه من المستحيل على أبناء السعودية العمل في مثل هذه الأعمال الشاقة لعدم وجود بنية مهنية لمثل هذه المهن التي تحتاج إلى تدريب مضني من الصغر ليتمكن من احتراف المهنة  وتحمل أعبائها، كذلك يعيش المواطن مستوى من الرخاء (مهما كان مستواه) يجعل مثل هذه المهن غير مجدية بالنسبة له.
ومن خلال خبرتي في مجال البناء أرى بأن أفضل تقنيات البناء التي يمكن أن تساهم في سعودة قطاع البناء والإنشاءات هي نفس الحلول التي تبناها الإسكندنافيتين والروس والتي ساعدتهم في التغلب على نقص العمالة والظروف المناخية الشديدة البرودة، لقد عمدوا إلى تحويل البناء من الموقع إلى المصنع، يتم ذلك باعتماد أنظمة بناء تعتمد على تصنيع مكونات المبنى الرئيسية داخل المصنع ونقلها جاهزة إلى الموقع لتركيبها بأسرع وقت وباستخدام الرافعات وبأقل عمالة ممكنة، دخلت هذه التقنية إلى سوق البناء السعودي من الثمانيات تحت مسمى الخرسانة مسبقة الصب ولقيت نجاح في المشاريع الكبيرة، إلا أنها لم تلق نجاح كبير في المشاريع المتوسطة والصغيرة .


أرى بأن هذه التقنية واعده لتوظيف الكثير من السعوديين إذا استطاع قطاع البناء الاتفاق على مواصفات قياسية لعناصر البناء ليمكن تصنيعها بشكل صناعي في مصانع ذات تقنية عالية بعيداً عن العوامل المناخية القاسية، لقد تمكن قطاع البناء في روسيا من الاتفاق على مواصفات قياسية للقواعد والأعمدة والجسور وبلاطات الأسقف وتضمينها في كتالوج جاهز يلتزم به المهندس والمقاول والمصنع، يوضح هذا الكتالوج المقاسات القياسية لهذه العناصر وقدرة تحملها الإنشائي ليتمكن المهندس الإنشائي من اختيار العناصر الإنشائية المناسبة للتصميم من هذا الكتالوج ويقوم صاحب المصنع بإنتاج هذه العناصر بكميات تساهم في تخفيض التكلفة ويقوم المقاول بشراء هذه العناصر الجاهزة للتركيب عند طلبها مما يساهم في انجاز المشروع بأسرع وقت.


اعتقد أن الوقت مناسب جداً لتبني مثل هذه التقنيات خاصة من قبل وزارة الإسكان التي لديها العدد الكافي من المباني والمشاريع يضمن قدرتها على فرضها مع فرض سعودة خطوط الإنتاج التي يمكن أن يعمل فيها الشباب السعودي تحت ظروف بيئة تمكنهم من الاستمرار والإنتاج.


السبت، 13 أغسطس 2011

اجيال قريتي والواسطة

لاحظت من خلال نقاشات السمر الرمضانية في ربوع قريتي في الجنوب حماس الكثير من الشباب ومنتصفي العمر والشيبان حول تأثير الواسطة في مجتمعنا واتهامهم الصريح لمن يصل لمراتب عليا من أبناء القرية أو أبناء الجنوب عموماً بالتقصير في التوسط ونفع أهل قريتهم أو منطقتهم بشكل عام خاصة في مجال التوظيف، أوضحت وجهت نظري حول موضوع الواسطة أنها مطلب اجتماعي يمكن قبولها لتسهيل إجراءات أو استخدام وجاهه للشفاعة في أمر ليس فيه مضرة عامة أو خاصة، إلا أنني وجدت أنني منفرد أمام تيار عارم من الهجوم المضاد والذي يرى أن الواسطة في مجال التوظيف أن توظف من لا يحمل المؤهل أو غير القادر لأن المؤهل والقادر قد لا يحتاج إلى الواسطة على غرار ما يفعله الكثير من أهل المناطق الأخرى.


خرجت من الأمسية وأنا أفكر في هذا الداء الاجتماعي الذي أصبح يعول عليه الشباب الكثير من إخفاقاتهم وجلست أفكر في أجيال أهل قريتي وهل فعلاً كانت الواسطة عقبة لتحقيق طموحاتهم في الحياة؟ وجدت أن أهل قريتي ينقسمون إلى ثلاثة أجيال كل جيل منها له ظروفه حسب الحقبة الزمنية التي عاشها.

 


الجيل الأول هم من هاجروا من القرية إلى المنطقة الشرقية بعد بدء عمل ارمكو الفعلي في بداية الخمسينيات وعملوا جميعاً كعمال في ارمكو وسكنوا الخيام ثم البركسات، وقد انخرطوا جميعاً في العمل جنباً إلى جنب مع أبناء القبائل والحاضرة من جميع أنحاء المملكة، كان أبي رحمه الله يحكي لنا أن شركة ارمكو أكرمتهم ووفرت لهم المأكل والملبس والسكن الكريم وانخرطوا جميعاً في التدريب وتعلم اللغة الإنجليزية، استمر عدد قليل من أبناء القرية في ارمكو وخرج الأكثر منهم للعمل في الأعمال الحرة والتجارة و شراء سيارات وتشغيلها تاكسي وذلك بعد ازدهار الحركة التجارية والصناعية في المنطقة الشرقية، والخلاصة أن أغلب هذا الجيل عاشوا ويعيشون حياة كريمة تمكن أغلبهم من تحقيق طموحاته وأصبح عدد غير قليل منهم من أصحاب الأعمال والشركات الخاصة، واعتقد بأن الواسطة بمفهومها الحالي لم تكن تخطر على بال أياً منهم  واعتمدوا على عصامية بحته في كفاحهم للوصول إلى مبتغاهم.

 

الجيل الثاني هم تقريباً من أبناء الجيل الأول والذين انخرطوا في الدراسة في بداية فتح المدارس النظامية في أواخر الستينات الميلادية، درس أغلب هذا الجيل في المدرسة الابتدائية الوحيدة التي افتتحت في أقرب الأسواق من القرية والذي يبعد قرابة الخمسة كيلومترات يقطعها أغلب الطلاب مشياً أما الأبناء القادرين فركوباً على الحمير، تخرج أغلبهم إلى المدرسة المتوسطة والتي كانت تبعد أكثر من ٣٠ كليومتر عن القرية، مع وعورة الطرق أدت إلى ضرورة سكنهم بالقرب من المدرسة مع أن أعمارهم لم تتجاوز الخامسة عشرة، وقد مررت مع أحد أبناء هذا الجيل بالقرب من موقع المدرسة القديم وأشار لي إلى أحد الدكاكين القديمة التي سكن فيها طوال فترة الدراسة وبدون أي تجهيزات لدورة المياه أو الكهرباء، اضطر غالبية هذا الجيل إلى السفر إلى المنطقة الشرقية لاستكمال الدراسة لعدم وجود ثانويات قريبة ولحاجتهم للدراسة والعمل، اجتمع أكثرهم في بيت العزوبية في الشرقية وانخرطوا جميعاً في العمل صباحاً والدراسة مساءً حتى أكمل أغلبهم الدراسة الثانوية وأغلق بيت العزوبية بعد مغادرتهم جميعاً إلى الرياض للدراسة الجامعية في جامعة الملك سعود، انخرطوا جميعاً في العمل والدراسة حتى التخرج والالتحاق بالوظيفة الحكومية بعد التخرج، وبدراسة سريعة لوضع هذا الجيل الثاني والذي تقاعد الكثير منهم اتضح وصول الكثير منهم إلى وظيفة مدير عام فأعلى وأنهم جميعاً تمكنوا بكل فخر من تحقيق طموحاتهم و لم أسمع أن أحد منهم انتظر من يتوسط له بل على العكس اتسم هذا الجيل بالكثير من التحدي بالتنقلات الوظيفية إذا وصولوا إلى طريق مسدود للترقية.


الجيل الثالث وهم جيل الطفرة والذي اعتقد أنني منهم والذين لم يحتاجوا أن يعملوا أثناء الدراسة وبدراسة سريعة لأصحاب هذا الجيل نجد أن من عمل بجد لإنهاء دراسته الجامعية أو التحق بالقطاع العسكري أو المدني بعد الثانوية جميعهم تمكنوا من تحقيق طموحاتهم.


وخلاصة القول أعتقد بأن هناك أسقف زجاجية لا محالة في أي مجتمع تنسجها نقاط الضعف المجتمعية فوق رؤوس أصحاب المجتمع تقف عائق أمام المتخاذلين والذين يبحثون عن أعذار لتبرير فشلهم، بينما المجدين المجتهدين يستطيعون بكل سهولة كسر هذه الأسقف الزجاجية وتحقيق ما تصبوا إليه أنفسهم، واعتقد أن أفضل ما نجهز به أبنائنا لمواجهة التحديات المحلية والعالمية هو تجهيزهم بالعلم النافع والذي به سوف يحتاجهم الناس ولن يحتاجوا الواسطة.

وهنا أذكر حديث دار بين أبي والدكتور محمد نسيم (من أوائل أطباء الأطفال في المملكة والذي منحه الملك فيصل رحمه الله مع الكثير من الأطباء الجنسية لتحفيزهم على البقاء في السعودية) رحمة الله عليهم جميعاً، حيث قال في معرض حديثه عن ابنه أنه يجب عليه أن يدرس الطب فقال له أبي لا تجبره على شيء لا يرغب فيه فأجاب "ابني سعودي و يتكلم العربية ولكنه سوف يظل في نظركم باكستاني والناس جميعاً تحتاج الطبيب ولا يهمها جنسيته أو أصله" وقد أعجبت أبي رحمه الله  هذه الحكمة وأخذ يكررها علينا كلما أرد تشجيعنا للتحصيل العلمي.



السبت، 30 يوليو 2011

سكن يا شويش قال مافيه اراضي

اطلعت على اللقاء الصحفي مع وزير الإسكان وما أن خلصت من قراءته تذكرت المثل الشعبي " انفخ يا شريم قال ما فيه براطم" والذي اشتقيت منه عنوان هذه المقالة، أعتقد أن تحديد دور وزارة الإسكان في تنفيذ الوحدات السكنية وعزلها عن مشكلة الأراضي يجعها وزارة تنفيذ مقاولات أو إدارة مشاريع. هذا الدور الذي أعلنه الوزير لوزارة الإسكان لا يحتاجه المواطن لأننا أصبحنا جميعاً مقاولين ونعرف كيف نبني بأرخص بكثير من أي وزارة تضع البيروقراطية نظام المشتريات الحكومي ويتربع على هيكلها التنظيمي الوزير وحاشيته من الوكلاء مدراء العموم.


أعتقد بأن الدور الرئيسي لوزارة الإسكان هو إيجاد الأراضي وتخطيطها والذي هو أساس مشكلة الإسكان لأن قيمة الأرض أصبحت تمثل أكثر من ٥٠٪ من تكلفة البناء وفي ازدياد لاحتكار الأراضي من قبل العقاريين ونقص المعروض عن الطلب، فرحت كثيراً بوزير الإسكان الشاب وتطلعنا أن تصبوا الوزارة للمكانة التي يتطلع إليها ولاة الأمر والمواطنين، إلا أنه يبدوا أن هذه الفرحة لن تتم وضاعت في غياهب البيروقراطية والتفت بمشالح الوزير ووكلائه الأفاضل "وكأنك يا شويش ما غزيت" وأعتقد أنها مسألة وقت لتصبح وزارة الإسكان الجديدة مثل سابقتها القديمة.

الجمعة، 22 يوليو 2011

نطاقات المهندس فقية و نقاط التفائل الخمس

منذ أن طرحت وزارة العمل نطاقاتها الجديدة لتنظيم العمل في المملكة ومعالي الوزير يطوف في كل مكان للتعريف بهذا النظام الوليد والذي أراني منجذب له ومتفائل بنجاحه.


النقطة الأولى: ينطلق منها تفاؤلي هي الجودة العالية للعروض التي قدمها الوزير وطرحتها الوزارة في موقعها من الناحية الفنية ومن ناحية المحتوى، هذه العروض والنشرات الإعلانية كانت مغايره لما تعودنا عليه في الإدارات الحكومية، حيث اعتدنا أن يتم دفع مبالغ خيالية ولا ينتج عنها ما يوزيها من إبداع في أغلب الأحيان لا يتم إنتاجها وتضيع في غياهب الروتين.


النقطة الثانية: أنه تم بناء النظام على اعتبار أن الحاجة للاستقدام ملحة وحاجة من احتياجات المملكة التي يقع على عاتقها إمداد العالم بما لا يقل عن ٨ مليون برميل يومياً والذي أفرز احتياجات تنموية ضخمة لا تتناسب مع قدرات الموارد البشرية المحلية على استيعابه على المدى القصير، وهذا يعتبر تطور إيجابي هائل في عقلية وزارة العمل والتي كانت تنكر هذه الحاجة وتبررها بإدمان الاستقدام وأبدع الدكتور غازي القصيبي (رحمة الله عليه) اسم "الاستقداميون" على من تسول له نفسه طلب تأشيرات عمل.


النقطة الثالثة: أن هذا النظام من السهل تطبيقه بمعادلات واضحة لا تحتاج إلى بيروقراطية مضنية، حيث أذكر بمرارة المعاناة التي كنا نتكبدها عند طلب إصدار تأشيرات جديدة، حيث كان يتم تحويل جميع المعاملات إلى الرياض ليتم البت فيها لأن معالي الوزير كان يطلع بنفسه على المعاملات وتحول إلى لجان تعطي أقل من ١٪ من المتطلبات.


النقطة الرابعة: أن هذا النظام سوف يقضي على السوق السوداء للتأشيرات والتي اعتقد أنها كان سوداء لأنها غير رسيمة وكذلك لكثرة السودانيين الذين كانوا وسطاء فيها، أعتقد بأن سهولة تطبيق نظام نطاقات سوف تقضي على هذه السوق.


النقطة الخامسة: أن نظام نطاقات تم إعداده كنظام عمل متكامل وتم وضع السعودة كعنصر أساسي من عناصر النظام بآلية واضحة تضمن التزام جميع الأطراف.

وأخيراً أكرر تفاؤلي الكبير بنجاح نظام نطاقات بألوانه الزاهية، وأنه سينجح كأي نظام اعتمد في تأسيسه على النقاش وتعدد الآراء من مختلف أطياف أصحاب العلاقة وهو ما نجح فيه المهندس عادل فقيه خلال مرحلة الصمت التي تهكمنا عليها جميعاً ومن خلال موقعه في الفيس بوك الذي استمد منه الآراء ولم يسبقه وزير في تطبيق هذه التقنية.

الجمعة، 24 يونيو 2011

الولاء ام الاداء ؟ في الشركات العائليه

تَغْلب سيطرة الشركات العائلية على أغلب قطاعات صناعة مواد البناء في المملكة، وقد حدثني أحد الأصدقاء ممن يملك شركة عائلية في مجال صناعة البناء عن قلقه على مستقبل شركته كونه من الرعيل المؤسس ويرغب في المحافظة على نمو ونجاح شركته على المدى القريب والبعيد.

قبل الدخول في تفاصيل النقاش كان لدي تصور أن المشكلة تتركز في نقل الإدارة إلى أبنائه، إلا أنه من خلال النقاش اتضح لي أن أحد المشاكل الرئيسية تكمن في إصرار الرجل على الاستمرار في قيادة شركته بواسطة الموارد البشرية التي ساعدته في تأسيس هذ الكيان بدعوى ولائهم له رغم أن معظمهم قد طعن في السن وفقد آلية الإدارة الحديثة.

أوضحت له أن الولاء في الشركات مهم في فترة التأسيس، حيث يحتاج المؤسس في بداياته إلى الحد الأدنى من الموارد البشرية (لتوفير الموارد المالية وتوجيهها لشراء الأصول من معدات منتجه) التي تعمل أكثر من عمل وتعمل على أساس الثقة المطلقة التي قد تكلف كثيراً حتى تجد من تثق به.

وبهذه الطريقة لا تحتاج الشركة أو المؤسسة إلى هيكل تنظيمي ولوائح بيروقراطية لأن الأنظمة واللوائح جميعها في رأس المؤسس وعدد قليل من موظفيه الأوفياء والذي يدعم كفاءة المنظومة ويؤسس لنجاحها.

مع نمو المنظومة وتوسع نشاطها وأعمالها إنتاجياً وجغرافياً تحتاج أن تعتمد في أعمالها على العمل المؤسسي والذي يعتمد على إدارة الشركة بأفضل من يستطيع إدارتها من بني البشر وليس فقط على إمكانيات المؤسس وأبنائه أو اصحاب الولاء له من قدامى الموظفين، ومن السائد أن ترى الكثير من الشركات قد اختفت وتلاشت بسبب عدم تجديد دماء العمل بالشركة واعتمادها على المؤسس والذين منهم من ماتت شركته بعد وفاته.

أوضح لي صديقي بأن من أسباب نجاحه في عمله سرعة اتخاذ القرار وكراهيته للبيروقراطية وأنه في حالة الاعتماد على هياكل تنظيمية كبيرة وجيش من الموظفين قد يثقل وزن الشركة ويحرمها من رشاقتها وخفة حركتها، قلت له إنه فعلاً محق وأن هذا هو هاجس جميع الشركات والجامعات التي تدرس علم الإدارة في جميع أنحاء العالم، وذلك للتخلص من البيروقراطية البغيضة والتي لا تضيف أي قيمة على أعمال الشركات وإنما تعطل الأعمال، وقد أوضحت له أن البيروقراطية بشكل عام ليست خبيثة بجلها حيث يحتاج العمل إلى تسلسل في الأداء وفصل الصلاحيات وتعددها لحماية الشركة من سوء استخدام الصلاحيات وحماية الموظفين بتحديد مسئولياتهم لمساعدتهم على تحمل المسئولية لإنجاز الأعمال المناطة بهم، وقد مكنت أنظمة المعلومات الآلية باستخدام الحاسب الآلي من استئصال البيروقراطية الخبيثة وأفضل مثال على ذلك أنظمة البنوك.

أخيراً لخصت لصديقي نصيحتي بأنه لا مناص من التطوير والتحديث والاعتماد على أفضل من يستطيع العمل ضمن هيكلة إدارية مبنية على أساس علمي، وإذا استطاع استقطاب القياديين المبدعين للعمل معه يجب عليه أن يدعهم يعملون لأن المبدعين وأصحاب الطموح ينتجون إذا اتيحت لهم حرية العمل والتي لا تتعارض مع حق صاحب العمل في المراقبة والسيطرة ذات الطبيعة الاستراتيجية البعيدة عن الأعمال التكتيكية اليومية، ويستطيع بناء الولاء بشكل مؤسسي عن طريق سن أنظمة لوائح صارمة تكافئ المجد وتحافظ عليه للاستمرار بالعمل في المنظومة أطول وقت ممكن.


الجمعة، 27 مايو 2011

مواصفات الخرسانة بين الواقع ومتطلبات ارمكو السعودية

حضرت ورشة العمل التي اقامتها ارمكو بالتعاون مع أمانة الدمام والتي كانت موضوعها مناقشة مواصفات الخرسانة المتبعة لدى شركة ارمكو السعودية والتعديلات التي ترغب إدخالها عليها على ضوء الزيارات التي قامت بها ارمكو للولايات المتحدة وقطر والامارات العربية المتحدة،  وقد تم التركيز خلال المحاضرات على إمكانية تطبيق المواصفات المتبعة لدى ارمكو ليس فقط على مشاريعها وإنما على جميع المشاريع الحكومية والأهلية في المنطقة الشرقية للرقي بمواصفات الجودة في المنطقة الشرقية ومحاربة مشاكل الخرسانة الناتجة عن ضعف جودة الخرسانة.


استمتعت كثيراً بالمحاضرات والخبرات التي أعدها وقدمها المهندسون "الارامكوويون" والتي تمت باحترافية عالية ومعرفة بأدق التفاصيل الفنية لمراحل إنتاج الخرسانة وفحص الجودة المتعلقة بها وهو دليل واضح على المكانة الرفيعة التي وصلت لها شركة ارمكو في العناية بتدريب وتأهيل مواردها البشرية في مختلف المستويات.


بدأ النقاش في موضوع توحيد المواصفات وأنه لن يسمح لمصانع الخرسانة الجاهزة بتخزين إلا المواد المعتمدة من قبل شركة ارمكو، حيث أوضحت لهم بأن هذا غير ممكن حيث ينجح موقع محجر واحد فقط في اختبارات شركة ارمكو والذي بالكاد يفي باحتياجاتهم ولن يكفي جميع مشاريع المنطقة الشرقية من ناحية الكمية وسوف تقفز أسعاره إلى أضعاف مضاعفة في حالة زيادة الطلب عليه. كذلك تعتمد شركة ارمكو على تأمين الخرسانة واصله للموقع بدرجة حرارة ٣٢ درجة مئوية وهو ما يمكن عمله لمشاريع شركة ارمكو التي تبعد عن زحمة المدن والمرور ويتوفر لها مصانع إنتاج خاصة بالخرسانة داخل المواقع، إلا أن ذلك لا يتوفر للمشاريع السكنية والتجارية في منتصف المدن هذا بالإضافة إلى نقل جميع مصانع الخرسانة إلى خارج حدود المدن مما يجعل إيصال الخرسانة بهذه الدرجة المنخفضة من الحرارة لا يمكن تحقيقه إلا أكاديمياً وبأسعار عالية جداً.


تحرك النقاش كثيراً بعد مداخلتي وخاصة أن أغلب المدعوون من شركات الخرسانة التي تتعامل مع مشاريع ارمكو ولم يتجرأ أحد منهم على المداخلة لخوفهم الشديد من طاقم الفحص واعتماد مصانع الخرسانة الجاهزة والذين يعرفون كل منهم وينادونهم بأسمائهم.



تم وضع أغلب الصعوبات المدرجة أعلاه في قائمة التحديات التي سوف يتم محاولة إيجاد حلول لها، وهنا أوضح وجهة نظري الشخصية حول هذ الموضوع إن شركة ارمكو يمكن أن تطبق المواصفات الفنية للخرسانة والتي تتناسب مع أهمية أعمالها ليس فقط لاقتصاد المملكة وإنما للاقتصاد العالمي كافة، يحق لارمكو أن توصف خرسانة بمكونات عالية الجودة لأساسات معمل تكرير يكلف المليارات ويجب أن يعمل باعتمادية عالية مهما بلغت تكلفة هذه المواد لأنها أخيراً سوف تحمل على تكاليف سعر البرميل، إلا أن المشاريع السكنية والتجارية التي تستهلك ٨٠٪ من الخرسانة في المملكة لا يمكنها أن تتحمل مثل هذه التكلفة إن وجدت في المنطقة الشرقية والتي تعاني من تردي مواد الخام للخرسانة بسبب طبيعتها الجيولوجية وسوف يتم اللجوء لاستيراد المواد الخام من الامارات مثل ما هو معمول به في قطر والكويت.


ذكر المهندس رضوان حميد، مدير عام الجودة بالشركة السعودية للخرسانة الجاهزة، كود البناء السعودي خلال النقاش وأنه تم وضعه بما يراعي ظروف جميع مناطق المملكة واعتباراتها المناخية والجيولوجية وأنه تم إعداد كود البناء بمشاركة ارمكو السعودية وهيئة المواصفات والمقاييس السعودية.

بعد عودتي إلى المكتب قمت بعمل بحث "قوقلي" لكود البناء السعودي والذي سعدت كثيراً بأنه أصبح جاهزاً للتطبيق وأن المواصفات المدرجة به على قدر كبير من التوازن بين جميع المتطلبات والتي يمكن تطبيقها في أغلب مواقع المملكة، ومن خلال مراجعة سريعة لكود البناء السعودي نرى بصمات ارمكو مما أضفى قوة تقنية وتوازن من خلال مشاركة الجهات الفنية الأخرى.


وأخيراً أعتقد بأن ارمكو السعودية صرح أثبت جدارته ليس على المستوى المحلي فقط وإنما على المستوى العالمي وإن لديها الجدارة العلمية والعملية لوضع المواصفات الخاصة بها والتي تخدم مشاريعها، إلا أن ارمكو السعودية بكبر حجمها ومحدودية خبراتها في المشاريع السكنية والتجارية يجعل من تدخلها في هذه المشاريع مكلف وغير عملي إطلاقاً.

الأسلوب القصصي في الكتابة والعروض

تخرجنا من الجامعة بمهاره جيده للكتابة باللغة الإنجليزية والتي تميز خريجين جامعة البترول عن غيرهم والتي ركزت عليها الجامعة في   السنة التحض...