الاثنين، 3 فبراير 2014

انتخابات هيئة المهندسين....... انه الدعم المالي ياشاطر

كثر اللغط مؤخراً حول انتخابات هيئة المهندسين واعتراض الغالبية على مقترح وزارة التجارة إلغاء الانتخابات واستبدالها جزئياً أو كلياً بالتعيين.

 وبعد تفكير طويل قررت أن أدلي بدلوي حول هذا الموضوع الشائك وأول ما خطر ببالي كلمة بيل كلنتون في أحد الخطب الانتخابية موجهة كلامه إلى غريمه الرئاسي: إنه الاقتصاد يا غبي والتي أصبحت مثال في تركيز أهمية الاقتصاد في الحياة العامة، وقد استعرت عنوان مقارب لمقولة كلنتون لهذه المقالة مع بعض التغيير للضرورة العربية التي تستهجن الغباء في أدبياتها.


كان لي شرف قيادة فريق عمل الإشراف على انتخابات هيئة المهندسين مع فريق رائع قمنا بقيادة العملية الانتخابية من أولها إلى آخرها، وما سوف أسطره في هذه المقالة نتج من ما تعرضت له مع زملائي أعضاء اللجنة من خبرات، كذلك شاركت في لجنة التحقيق التي كلفت بالتحقيق في ممارسات المجلس السابق والتي تكللت بتقرير تفصيلي تم اطلاع الجمعية العمومية عليه في حينة.
بدأت الهيئة بداية هزيلة جداً بسبب عدم وجود أي دخل لها عدى الاشتراكات التي لم تكن بالكاد تغطي تكلفة طباعة مجلة الهيئة الهزلية هي الأخرى، حاول مجلس الإدارة المنتخب الأول الحصول على دعم حكومي للهيئة فتم الرفض بحجة أنها هيئة مستقلة منتخبة أو بمعنى ((يالله ورونا شطارتكم يا مجلس إدارة الهيئة واجمعوا اشتراكات ممن انتخبكم لتكونوا مستقلين)). وهنا بدأت الافكار الهندسية لخلق دخل للهيئة وأول ذلك الاعتماد المهني والذي يدخل ٢٥٠٠نظير بطاقة بلاستك لا تكلف ١٠ ريال طباعة. وقد اعترضت عليه بشده واعتبرته مخالفة كبرى لمهمة الهيئة الأساسية وهي المهنية والتي لا تتحقق بطباعة بطاقة مهندس معتمد إنشائي وهو باعترافه لم يصمم جسر إنشائي في حياته المهنية التي قضاها في إعداد التعاميم وإشارة إلى عطفاً على، وقيل لي أنه الدخل يا شاطر من أين لنا بمرتب الأمين والموظفين، يعني الدخل غلب المهنية والتي هي الأصل في وجود الهيئة.

استمر العمل بهذا البرنامج في المجلس التالي لنفس الغرض وحتى مع وجود بدائل دخل مهنيه أخرى.

اتضح أن العملية الانتخابية كانت مرتع خصب لنوعين من المهندسين (الفاضي والشبعان)، وجدنا أن الكثير ممن رشح نفسه للانتخابات متقاعد يبحث عن ما يشغل يومه ويحاول أن يحقق بقية أحلام في الظهور الإعلامي التي لم يستطع تحقيقها قبل تقاعده، والتي عبر عنها أحد المرشحين بأنه لم يكن يعرفه أحد ولم يلبس بشت ويدخل مكاتب الوزراء إلا بفضل الهيئة. الشبعان، هو مِن مَن أنعم الله عليه بالمال الوفير ولم يستطع شراء الجاه الهندسي والذي وجده في الهيئة وظهورها الإعلامي.


لم تستطع الهيئة حتى الآن النهوض بمهنة الهندسة (رغم وجود الامكانيات من اعتماد شهادات المهندسين الأجانب والمرتبطة بالإقامة والتي توكلها لشركة من الباطن) مثل ما فعلت الهيئات المهنية الأخرى وذلك لما يحتاجه هذا النهوض من إمكانيات مالية ضخمة لن تستطيع الهيئة تحملها بدون قاعدة اشتراكات كبيرة من المهندسين الذين لن يشتركوا بدون دعم وتدريب مهني. (معضلة البيضة والدجاجة)
انخرط رئيس المجلس وأعضاءه الكرام في دور إعلامي يدغدغ أحلام المهندسين بالكادر الهندسي والذي ليس للهيئة علاقة به لأنه كادر وظيفي حكومي بينما الهيئة مهنية للجميع لرفع المستوى المهني والفني للمهندس ويترك لخياراته وخيارات السوق في التوظيف، وأصبح رئيس الهيئة يصدح بكل انفعال في كل محفل ما فعله ويفعله لنصرة المظلومين والمهمشين من المهندسين السعوديين، رغم أن كل الاحصائيات تدل أن المهندسين السعوديين لا زالوا رقم قبل الفاصلة في رحلة التنمية السعودية لانخفاض عددهم وعدتهم الفنية، وأصبحت الهيئة صاحبة الأداء الإعلامي أكثر من  الأداء الهندسي. ومقارنة بسيطة لظهور رئيس هيئة المحاسبين ورئيس هيئة التخصصات الطبية مع رئيس هيئتنا يجد الفرق الشديد، لماذا كل هذا إنه صندوق الاقتراع والانتخابات يا شاطر  التي تتغذى على المادة الإعلامية.
اختم مقالتي هذه بخلاصة أنه لن يصلح هيئة المهندسين إلا ما اصلح الهيئات الأخرى وهو الدعم لحكومي القوي على حساب التخلي عن الانتخابات التي ليس لها أساس اشتراكات قوي مثل النقابات والجمعيات الهندسية الغربية التي تصل اشتراكاتهم بالملايين والتي عندما نصل عُشر تعدادهم يمكننا اللجوء للانتخابات كأداة تختار الصالح من قاعدة اشتراكات كبيرة  وليس الفاضي والشبعان. 

 

الثلاثاء، 13 أغسطس 2013

اسباب تعثر المشاريع


منذ فترة وأنا أحاول تلخيص نقاط فنية وإدارية لأسباب تعثر المشاريع الحكومية وتوصلت إلى نقاط كثيرة جداً وعندما حاولت أن أجمعها تحت تقسيمات وجدتها جميعاً تشترك في عنصر واحد أساسي وهو عدم توفر الموارد البشرية الهندسية الفنية المحترفة سواءً سعودي أو غير سعودي، وأستطيع الجزم بأن جميع الأسباب الفنية الأخرى هي نتيجة وليست سبب لعدم توفر العنصر البشري. 

جميع الإدارات الحكومية بلا استثناء لديها نقص شديد في العناصر البشرية المؤهلة السعودية وغير السعودية، نجدها تعتمد على إدارات هندسية يتم التوظيف على وظائفها الشاغرة عن طريق ديوان الخدمة المدنية من خريجي الجامعات المحلية والخارجية، وفي الغالب نجد هذه الإدارات في بداياتها تدار من قبل غير مؤهلين أو حتى غير مهندسين ولا توفر التدريب الفني المهني المناسب لموظفيها لعدم توفر الخبرات المتراكمة وكذلك عدم توفر الإمكانيات المادية للتدريب والتي لا يستطيع غير الفنيين "والذي لديهم الصلاحيات المالية" من فهمها والحاجة الماسة لها، ومع ازدياد المشاريع نجد أنه يزج بالمهندسين السعوديين حديثي التخرج إلى واجهة إدارات المشاريع الكبيرة بدون التأهيل والتدريب الكافي، كذلك يزج بهم في دهاليز البيروقراطية التي تحولهم من مهندسين إلى إداريين مما يبعدهم عن الأمور الفنية وازدياد الخبرات منها. 

وللتغلب على نقص الموارد البشرية الهندسية، لجَأَتْ الإدارات الحكومية إلى التعاقد المباشر مع مهندسين أجانب والذي غطى النقص في الجوانب الفنية بشكل جزئي وذلك لعدم القدرة على التعاقد مع كفاءات هندسية لانخفاض الرواتب المخصصة، كذلك الاعتماد على الموارد البشرية الأجنبية العربية فقط والتي هي ذاتها تعاني انغماس في البيروقراطية وانخفاض في الخبرات والتقنيات الهندسية لعدم احتكاكها بالخبرات العالمية التي تتجدد باستمرار. 

ومع ازدياد المشاريع لجأت الإدارات الحكومية إلى العقود الاستشارات الهندسية والتي هي عقود توريد مهندسين يعملون بشكل مباشر وتحت إدارة وتوجيهات الإدارات الهندسية، استطاعت هذه العقود التغلب جزئياً عل مشكلة الكم والكيف، حيث مكنت هذه العقود من توريد مهندسين بالعدد المطلوب، كذلك مكنت من تحسين في خبرات ومؤهلتهم لارتفاع الأجور لهذه العقود، لم تصمد هذه العقود كثيراً أمام انحسار الميزانيات المخصصة وزيادة المنافسة بين المكاتب للفوز بهذه العقود عن طريق تخفيض الأسعار والذي يعد المعيار الرئيسي الكارثي لتقييم العروض.

في خضم التخبط أعلاه، بدأت الهيئة الملكية بالجبيل وينبع بنموذج مختلف تماماً وهو الاعتماد الكلي على بيوت الخبرة العالمية من بداية التخطيط الاستراتيجي ورسم خطط طويلة المدى لمدن صناعية طموحه مرور بالتصميم الهندسي وإدارة المشاريع الإنشائية وانتهاءً بالصيانة والتشغيل، تم التعاقد مع شركة بكتل العالمية في الجبيل وشركة بارسونز في ينبع، نجحت هذه الشركات في إنجاز مدينتي الجبيل وينبع على مستوى عالمي من الناحية الفنية والإدارية، وكذلك نجحت هذه الشركات من تأسيس وتدريب عقليات سعودية فذَّه استطاعت أن تكمل مسيرة النجاح والمحافظة على المستوى العالي في الأداء، كل ذلك تم بسبب ما استطاعت هذه الشركات توفيره من الموارد البشرية الخبيرة من مكاتبها في جميع أنحاء العالم والتي تعمل ضمن نظام إداري عالمي شكلته خبراتهم المتراكمة لأكثر من١٠٠ سنة. 

في الختام اعتقد أن المشاريع الحكومية سوف تبقى متعثرة طالما ينقصنا الموارد البشرية الماهرة والتي لا يمكننا حلها بين ليلية وضحاها، الهندسة حضارة والحضارة تحتاج إلى بنية تحتية من التعليم الأساسي العلمي الذي يُمَكِّنْ أبنائنا من اجتياز مواد الهندسة في الجامعات باقتدار وابداع بدلاً من تغيير التخصص بعد أول اختبار رياضيات أو فيزياء.

كذلك نحتاج أن نواجه حقيقة مره أن اللغة الانجليزية هي لغة الهندسة والعلم وأنه بدون إجادة التخاطب والكتابة لن يستطيع المهندس العمل والتدريب باحترافية، وأرى بأنه على المدى القصير تحتاج الإدارات الحكومية اللجوء إلى بيوت الخبرة العالمية لتغطية النقص الفني لديها واقترح أن يتم تأسيس الهيئة الملكية للمشاريع الحكومية تكون مسئولة عن المشاريع المليارية ويشكل لها مجلس إدارة من وزارة المالية وأرمكو والهيئة الملكية للإستفادة من خبرات وعقليات هذه الكيانات ويتم التعاقد الفني مع إحدى شركات بيوت الخبرة العالمية لإدارة هذا الكيان. 

الجمعة، 3 أغسطس 2012

التذمر الهندسي

من خلال من خلال متابعتي لكثير من المغردين المهندسين في توتير لمست الكثير من التذمر من المهندسين من واقع المهنة والكادر حتى وصل التذمر من البعض إلى الندم على اختيار الهندسة كتخصص، فكرت كثيراً في أسباب هذا التذمر وقررت أن أبحث بعمق في هذا الموضوع محاولاً أن أصل إلى نتيجة تفيدنا معشر المهندسين وتخرجنا من دوامة التذمر إلى العمل على تحويله إلى طموح بناء. 

ذكر أحد المغردين بأن المجتمع والدولة لا تُقَدِّر المهندسين السعوديين ولا تضعهم في الخانة التي يستحقونها كبناة للحضارة، وللإجابة وجدت أنه يلزم تحديد كم عددنا نحن المهندسين وماهي مساهمتنا في المجتمع التي تدعونا إلى طلب وضع خاص من هذا المجتمع، أفضل لغة نفهمها هي لغة الأرقام والإحصائيات، لجأت إلى موقع وزارة التعليم العالي، استخلصت من صفحة احصائيات الخريجين على مدى ٢٠ سنة الماضية نتيجة مزعجة وهي أن إجمالي الخريجين من عام 1991م إلى ٢٠١٠م من كليات الهندسة من جميع جامعات المملكة لم يتجاوز ٢٨٠٠٠ مهندس بمعدل ١٤٠٠ مهندس سنوياً، والذي يعتبر رقماً متواضعاً جداً مقارنة باحتياجات الصناعة والبناء في المملكة. وللمقارنة تم زيارة موقع نقابة المهندسين الأردنيين وجدت أن إجمالي المهندسين المسجلين إلى نهاية عام ٢٠١١م بلغ ٩٨٠٠٠ مهندس، وزيادة في المقارنة ذكر لي أحد الأخوة في الهيئة أن أعداد المهندسين الأجانب في المملكة بلغ أكثر من ١٠٠٠٠٠ مهندس. 

من هذا كله نستخلص أن أعداد المهندسين السعوديين لا زالت غير كافية لإثبات وجود وتأثير على المجتمع للحصول على المكانة التي يطمحون إليه، حيث لا يزال الاعتماد نسبة كبيرة على المهندسين الأجانب في جميع مناحي التنمية، ومن التأثيرات السلبية لقلة العدد للمهندسين السعوديين نجد أن فترة التدريب والتأهيل الهندسية الفنية تختصر بشكل كبير ليصبح المهندس السعودي في أغلب الجهات الحكومية في موقع الإدارة والتي تحرم المهندس من الخبرات الهندسية وتبعده الأعباء الإدارية عن الهندسة تدريجياً إلى أن يصبح إداري أكثر منه مهندس.

شكوى المهندسين من انخفاض المرتبات الحكومية والحاجة إلى الكادر لتصحيح الوضع تحتل مرتبة عليا ضمن التذمرات الهندسية، ومن خلال خبرتي في المجال الهندسي في الإدارات الهندسية الحكومية والقطاع الخاص والتجارب المتبعة في جميع دول العالم، أجد أن الرواتب والمميزات لدينا تتناسب مع الأداء وحجم العمل المطلوب من المهندس الحكومي ومن أراد زيادة الدخل فعليه بالقطاع الخاص والذي يزيد مرتبات المهندسين المبتدئين فيها عن ١٢٠٠٠ريال شهرياً، عندما ذكرت رأيي هذا لأحد المغردين المهندسين أجابني بأنه لن يبع صحته وأعصابه للقطاع الخاص لأن العمل لديهم مضني، نعم العمل مضني ويمكن سؤال أحد المهندسين السعوديين الشباب الذين يعملون في شركات سابك عن متطلبات العمل الصعبة في المصانع والتي يقابلها رواتب مجزية تزيد عنى٣٠٠٠٠ ريال شهرياً لمدراء الأقسام وتمليك للمنازل ومميزات ضخمة عن التقاعد لضمان استمرار عملهم. 

 في الختام أرى أن التذمر الهندسي وعدم القناعة بالواقع يمثل جزء من الطموح الذي يعتبر إيجابياً إذا اقترن بالجد والاجتهاد والأخذ بأسباب النجاح، ويقع علينا كمجتمع بجميع أطيافه مسئولية كبرى لإعداد أبنائنا لزيادة أعداد المهندسين كمَّاً وكيفاً. 

 

الجمعة، 27 يوليو 2012

محجوزات ارمكو والوسط المرفوع

 
 المتتبع لموضوع محجوزات ارمكو والأزمة العقارية التي تسببها يعجب مثلي أن شركة ارمكو قد رفعت جميع الحول الوسطية واحتمت بقدسية المحافظة على الثروة الوطنية البترولية وتعارضها مع فسح المخططات. 

ومن خلال المتابعة للجدال الحاصل بين الطرفين (العقاريين وارامكو) تجد أن الطرفين أصحاب قضية كل طرف مستميت لدعم حقة، حيث تجد العقاريين يجادلون بأنهم اشتروا الأرضي بصكوك شرعية وتم بيعها وتداول أسهمها بين المواطنين ولم تعترض ارامكو عليها إلا عندما تم البدء في أعمال التطوير، من جهة أخرى تدافع ارمكو عن موقفها بأنها تتصرف حسب الأوامر الملكية بعدم فسح أي مخططات إذا كانت تتعارض مع خطط ارامكو لأعمال التنقيب والنقل والذي يمثل العصب الاقتصادي الأول للمملكة. 

وبعمل بحث قوقلي سريع لموقع المحجوزات المختلف عليها وتقنيات تنقيب البترول ونقله توصلت إلى المعلومات التالية:

1.   المحجوزات المختلف عليها يقع جلها في المنطقة المحدودة بين طريق ابو حدرية إلى مطار الملك فهد والتي تمثل التوسع العقاري الوحيد من جهة الغرب لمدينة الدمام، ومع أنني والكثير من المواطنين غير متعاطفين مع العقاريين إلا أنني أرى أن الاستمرار في حجز هذه المنطقة سوف يؤجج الاحتكار ويمنع فرص زيادة المعروض من الأرضي في هذه المنطقة.

2.   بزيارة سريعة إلى مواقع شركة ارمكو تجد الشركة تتباها بتقنيات التنقيب الأفقية والتي تمكن من الوصول إلى مكامن الزيت من موقع حفر واحد والمطبق في حقل المنيفة وشيبة وحرض والكثير من المواقع ويتم التحكم بها عن بعد من مركز التنقيب في الظهران، ويمكن لشركة الزيت العتيدة أن تسحب النفط من تحت هذه المخططات أو حتى المدن القائمة.

3.   تسمح جميع أنظمة العالم بمرور أنابيب النفط والغاز عبر مناطق المأهولة مع أخذ الاحتياطات الهندسية اللازمة من حرم للأنابيب يمثل قطر الانفجار بالإضافة إلى وضع جدران عازلة في الأماكن ذات المخاطر العالية.

يتضح مما ذكر أعلاه أن الحلول الهندسية للمشكلة متاحة وأنه يمكن وضع الاشتراطات الهندسية من قبل شركة ارمكو لفسح هذه المحجوزات وأن على ارمكو السعودية أن تضع في حسابها أن النفط وارامكو في خدمة تنمية المواطن ورفاهه وليس العكس.

وختاماً أرى أن شركة ارمكو العملاقة والتي يديرها نخبة فذة من المهندسين والقياديين السعوديين لن تعجز عن حل هذه المشكلة مثل ما حلت مشاكل مدينة جدة التي استطاعت ارمكو خلال سنتين إنجاز ما لم يستطع أحد إنجازه في عشرات السنوات، وللمعلومية فأنا لا أملك أي أسهم أو عقارات في المناطق المحجوزة وليس لي أي صلة قريبة أو بعيدة بأي مستثمر فيها وإنما أحببت أن أشارك وطني في تقديم حل لمشكلة لأننا معشر المهندسين يجب أن نكون جاهزين لحل جميع المشاكل.

 

الثلاثاء، 29 مايو 2012

الكادر الهندسي بين السابعة ..والثامنة

السابعة هي الدرجة التي يعين عليها المهندس في القطاع الحكومي والثامنة هي ثامنة داوود الشريان. خطر على بالي هذا العنوان أمس أثناء مشاهدة حلقة الكادر الهندسي وشعرت بعدم الارتياح لما دار من نقاش وذلك لثلاثة أسباب رئيسية:


الأول:  تم طرح الكادر الهندسي على أساس أنه حل لمشكلة أخلاقية وهي مشكلة الفساد في المشاريع وأن الحل يكمن في زيادة دخل المهندس ليكون "محترف لا منحرف "حسب طرح المهندس حمود السالمي. وأرى بأن هذا الطرح سطحي جداً لأنه من المسلَّم به أن الفساد لا حدود مالية له ويصيب الفقير والغني وأكثر أنواع الفساد إيلاماً للمجتمع هو فساد الطبقة المخملية التي لا ينقصها مالاً ولا جاهاً وليست في حاجة إلى أي كادر ليردعها عن فسادها ليس في مجتمعنا فحسب بكل في كل المجتمعات الإنسانية. كذلك لن يربح من يدخل مع الفاسدين في مزايدة، فلديهم من الإمكانيات تجعلهم يفوزون بالمزايدة "الحراج" على الذمم الفاسدة بأعلى الأسعار التي سوف تتفوق على أي كادر.


الثاني:  الطرح بأن المشاريع الحكومية الترليونية معتمدة على القطاع الهندسي السعودي والذي للأسف كلام عاطفي لا يمت للواقع بأي صلة، حيث نجد الوزارات تتعاقد مع الشركات الاستشارية المحلية والعالمية للتصميم والإشراف على أعمالها بسبب بسيط عدم كفاية المهندسين السعوديين من الناحية العددية والتخصصية للقيام بمثل هذه المشاريع، حتى الإدارات الهندسية في الوزرات تجدها تعتمد على المهندسين الوافدين من جميع الجنسيات سواء بالتوظيف المباشر أو التعاقدي، ويحتاج القطاع الهندسي السعودي إلى سنوات عديدة لتلبية احتياجات المملكة من المهندسين في جميع التخصصات.


الثالث:  طرح الكادر على أساس عوائده المادية في سلم الرواتب بينما الكادر هو لائحة متكاملة لترقيات المهندسين ضمن سلم مهني يشمل اختبارات مهنية، وحسب علمي بأن الاختبارات سوف تتم عن طريق "قياس"، واعتقد بأن هذه الاختبارات لن تكون في صالح المهندسين خاصة في القطاع العام وسوف تصبح الشكوى من عدم عدالة هذه الاختبارات لبعدها عن أعمالهم اليومية التي في أغلبها ذات طابع إداري بعيد عن الأعمال الهندسية المتخصصة، ولن أستغرب أن يخصص الأستاذ داوود حلقة عن اختبارات القياس للمهندسين مثل ما تم عمله للطلاب والمعلمين.


أخيراً أرى بأن تطبيق الكادر ليس إلا خطوة بسيطة سوف تكون في الاتجاه الصحيح إذا تم تطبيقه على مراحل تبدأ بتدريب المهندسين الملتحقين بالوزارات تدريب هندسي صارم يأهلهم لبلوغ أعلى دراجات الكادر، كذلك يجب أن يكون هناك صرامة في التعليم الهندسية سواء الداخلي والخارجي والذي مع الأسف يشهد عزوف من قبل أبنائنا بسبب ضعف التعليم العام في الرياضيات والعلوم والذي سبقنا إليه أبناء الجاليات الوافدة والذي إذا استمر الفارق بين أبناءنا وأبنائهم سوف تستمر بكائيات الكادر لأجيال عديدة قادمة، واتذكر محادثة لأحد زملاء الثانوي المصريين عندما سألته لماذا لم يسجل أدبي قالليه هو أنا سعودي، أبويه حيدبحنى لأن الأدبي ما يدخلش طب أو هندسة،  رغم مرور أكثر من ثلاثين سنة على هذه المحادثة إلا أنها لا زالت تمثل واقعنا التعليمي.

الخميس، 17 مايو 2012

المقاولات الانشائية وحلم السعودة

خرجت في أحد أيام الصيف الحار جداً فإذا بصوت غناء يصدر من أحد العمارات تحت الإنشاء المجاورة لبيتي، اقتربت من مصدر الغناء فإذا به صادر من أحد عمالة اللياسة المصريين المعلق على السقالة، سلمت عليه وطلبت أن ينزل لأكلمه فنزل مسرعاً يعتقد أن لدي عمل لياسة، امتدحت عمله وسألته عن خبرته في اللياسة، فقال إنه يعمل معلم لياسة منذ أكثر من عشر سنوات وأنه كان يعمل صبي لياسة (مساعد) في مصر منذ أن كان عمرة 13 سنة وإجمالي خبرته في اللياسة والعمل الشاق في الظروف المناخية الشديدة أكثر من 20 سنة، أثمرت سنوات التدريب لمثل هذا العامل في إنتاج رجل بموصفات خاصة مناسبة لمهنته وظروفها فتجده (ما شاء الله تبارك الله) مفتول العضلات ذو أوردة وشرايين نافرة تغطي يديه ورقبته تؤمن الكثير من الدم لعضلاته ودماغه مما يمكنه انجاز العمل وتحمل حرارة الصيف بدون أن يفقد وعيه من ضربة الشمس.


دعتني هذه المشاهدة للتفكير في إمكانية سعودة مثل هذه الأعمال وخلصت إلى نتيجة فورية بأنه من المستحيل على أبناء السعودية العمل في مثل هذه الأعمال الشاقة لعدم وجود بنية مهنية لمثل هذه المهن التي تحتاج إلى تدريب مضني من الصغر ليتمكن من احتراف المهنة  وتحمل أعبائها، كذلك يعيش المواطن مستوى من الرخاء (مهما كان مستواه) يجعل مثل هذه المهن غير مجدية بالنسبة له.
ومن خلال خبرتي في مجال البناء أرى بأن أفضل تقنيات البناء التي يمكن أن تساهم في سعودة قطاع البناء والإنشاءات هي نفس الحلول التي تبناها الإسكندنافيتين والروس والتي ساعدتهم في التغلب على نقص العمالة والظروف المناخية الشديدة البرودة، لقد عمدوا إلى تحويل البناء من الموقع إلى المصنع، يتم ذلك باعتماد أنظمة بناء تعتمد على تصنيع مكونات المبنى الرئيسية داخل المصنع ونقلها جاهزة إلى الموقع لتركيبها بأسرع وقت وباستخدام الرافعات وبأقل عمالة ممكنة، دخلت هذه التقنية إلى سوق البناء السعودي من الثمانيات تحت مسمى الخرسانة مسبقة الصب ولقيت نجاح في المشاريع الكبيرة، إلا أنها لم تلق نجاح كبير في المشاريع المتوسطة والصغيرة .


أرى بأن هذه التقنية واعده لتوظيف الكثير من السعوديين إذا استطاع قطاع البناء الاتفاق على مواصفات قياسية لعناصر البناء ليمكن تصنيعها بشكل صناعي في مصانع ذات تقنية عالية بعيداً عن العوامل المناخية القاسية، لقد تمكن قطاع البناء في روسيا من الاتفاق على مواصفات قياسية للقواعد والأعمدة والجسور وبلاطات الأسقف وتضمينها في كتالوج جاهز يلتزم به المهندس والمقاول والمصنع، يوضح هذا الكتالوج المقاسات القياسية لهذه العناصر وقدرة تحملها الإنشائي ليتمكن المهندس الإنشائي من اختيار العناصر الإنشائية المناسبة للتصميم من هذا الكتالوج ويقوم صاحب المصنع بإنتاج هذه العناصر بكميات تساهم في تخفيض التكلفة ويقوم المقاول بشراء هذه العناصر الجاهزة للتركيب عند طلبها مما يساهم في انجاز المشروع بأسرع وقت.


اعتقد أن الوقت مناسب جداً لتبني مثل هذه التقنيات خاصة من قبل وزارة الإسكان التي لديها العدد الكافي من المباني والمشاريع يضمن قدرتها على فرضها مع فرض سعودة خطوط الإنتاج التي يمكن أن يعمل فيها الشباب السعودي تحت ظروف بيئة تمكنهم من الاستمرار والإنتاج.


السبت، 13 أغسطس 2011

اجيال قريتي والواسطة

لاحظت من خلال نقاشات السمر الرمضانية في ربوع قريتي في الجنوب حماس الكثير من الشباب ومنتصفي العمر والشيبان حول تأثير الواسطة في مجتمعنا واتهامهم الصريح لمن يصل لمراتب عليا من أبناء القرية أو أبناء الجنوب عموماً بالتقصير في التوسط ونفع أهل قريتهم أو منطقتهم بشكل عام خاصة في مجال التوظيف، أوضحت وجهت نظري حول موضوع الواسطة أنها مطلب اجتماعي يمكن قبولها لتسهيل إجراءات أو استخدام وجاهه للشفاعة في أمر ليس فيه مضرة عامة أو خاصة، إلا أنني وجدت أنني منفرد أمام تيار عارم من الهجوم المضاد والذي يرى أن الواسطة في مجال التوظيف أن توظف من لا يحمل المؤهل أو غير القادر لأن المؤهل والقادر قد لا يحتاج إلى الواسطة على غرار ما يفعله الكثير من أهل المناطق الأخرى.


خرجت من الأمسية وأنا أفكر في هذا الداء الاجتماعي الذي أصبح يعول عليه الشباب الكثير من إخفاقاتهم وجلست أفكر في أجيال أهل قريتي وهل فعلاً كانت الواسطة عقبة لتحقيق طموحاتهم في الحياة؟ وجدت أن أهل قريتي ينقسمون إلى ثلاثة أجيال كل جيل منها له ظروفه حسب الحقبة الزمنية التي عاشها.

 


الجيل الأول هم من هاجروا من القرية إلى المنطقة الشرقية بعد بدء عمل ارمكو الفعلي في بداية الخمسينيات وعملوا جميعاً كعمال في ارمكو وسكنوا الخيام ثم البركسات، وقد انخرطوا جميعاً في العمل جنباً إلى جنب مع أبناء القبائل والحاضرة من جميع أنحاء المملكة، كان أبي رحمه الله يحكي لنا أن شركة ارمكو أكرمتهم ووفرت لهم المأكل والملبس والسكن الكريم وانخرطوا جميعاً في التدريب وتعلم اللغة الإنجليزية، استمر عدد قليل من أبناء القرية في ارمكو وخرج الأكثر منهم للعمل في الأعمال الحرة والتجارة و شراء سيارات وتشغيلها تاكسي وذلك بعد ازدهار الحركة التجارية والصناعية في المنطقة الشرقية، والخلاصة أن أغلب هذا الجيل عاشوا ويعيشون حياة كريمة تمكن أغلبهم من تحقيق طموحاته وأصبح عدد غير قليل منهم من أصحاب الأعمال والشركات الخاصة، واعتقد بأن الواسطة بمفهومها الحالي لم تكن تخطر على بال أياً منهم  واعتمدوا على عصامية بحته في كفاحهم للوصول إلى مبتغاهم.

 

الجيل الثاني هم تقريباً من أبناء الجيل الأول والذين انخرطوا في الدراسة في بداية فتح المدارس النظامية في أواخر الستينات الميلادية، درس أغلب هذا الجيل في المدرسة الابتدائية الوحيدة التي افتتحت في أقرب الأسواق من القرية والذي يبعد قرابة الخمسة كيلومترات يقطعها أغلب الطلاب مشياً أما الأبناء القادرين فركوباً على الحمير، تخرج أغلبهم إلى المدرسة المتوسطة والتي كانت تبعد أكثر من ٣٠ كليومتر عن القرية، مع وعورة الطرق أدت إلى ضرورة سكنهم بالقرب من المدرسة مع أن أعمارهم لم تتجاوز الخامسة عشرة، وقد مررت مع أحد أبناء هذا الجيل بالقرب من موقع المدرسة القديم وأشار لي إلى أحد الدكاكين القديمة التي سكن فيها طوال فترة الدراسة وبدون أي تجهيزات لدورة المياه أو الكهرباء، اضطر غالبية هذا الجيل إلى السفر إلى المنطقة الشرقية لاستكمال الدراسة لعدم وجود ثانويات قريبة ولحاجتهم للدراسة والعمل، اجتمع أكثرهم في بيت العزوبية في الشرقية وانخرطوا جميعاً في العمل صباحاً والدراسة مساءً حتى أكمل أغلبهم الدراسة الثانوية وأغلق بيت العزوبية بعد مغادرتهم جميعاً إلى الرياض للدراسة الجامعية في جامعة الملك سعود، انخرطوا جميعاً في العمل والدراسة حتى التخرج والالتحاق بالوظيفة الحكومية بعد التخرج، وبدراسة سريعة لوضع هذا الجيل الثاني والذي تقاعد الكثير منهم اتضح وصول الكثير منهم إلى وظيفة مدير عام فأعلى وأنهم جميعاً تمكنوا بكل فخر من تحقيق طموحاتهم و لم أسمع أن أحد منهم انتظر من يتوسط له بل على العكس اتسم هذا الجيل بالكثير من التحدي بالتنقلات الوظيفية إذا وصولوا إلى طريق مسدود للترقية.


الجيل الثالث وهم جيل الطفرة والذي اعتقد أنني منهم والذين لم يحتاجوا أن يعملوا أثناء الدراسة وبدراسة سريعة لأصحاب هذا الجيل نجد أن من عمل بجد لإنهاء دراسته الجامعية أو التحق بالقطاع العسكري أو المدني بعد الثانوية جميعهم تمكنوا من تحقيق طموحاتهم.


وخلاصة القول أعتقد بأن هناك أسقف زجاجية لا محالة في أي مجتمع تنسجها نقاط الضعف المجتمعية فوق رؤوس أصحاب المجتمع تقف عائق أمام المتخاذلين والذين يبحثون عن أعذار لتبرير فشلهم، بينما المجدين المجتهدين يستطيعون بكل سهولة كسر هذه الأسقف الزجاجية وتحقيق ما تصبوا إليه أنفسهم، واعتقد أن أفضل ما نجهز به أبنائنا لمواجهة التحديات المحلية والعالمية هو تجهيزهم بالعلم النافع والذي به سوف يحتاجهم الناس ولن يحتاجوا الواسطة.

وهنا أذكر حديث دار بين أبي والدكتور محمد نسيم (من أوائل أطباء الأطفال في المملكة والذي منحه الملك فيصل رحمه الله مع الكثير من الأطباء الجنسية لتحفيزهم على البقاء في السعودية) رحمة الله عليهم جميعاً، حيث قال في معرض حديثه عن ابنه أنه يجب عليه أن يدرس الطب فقال له أبي لا تجبره على شيء لا يرغب فيه فأجاب "ابني سعودي و يتكلم العربية ولكنه سوف يظل في نظركم باكستاني والناس جميعاً تحتاج الطبيب ولا يهمها جنسيته أو أصله" وقد أعجبت أبي رحمه الله  هذه الحكمة وأخذ يكررها علينا كلما أرد تشجيعنا للتحصيل العلمي.



الأسلوب القصصي في الكتابة والعروض

تخرجنا من الجامعة بمهاره جيده للكتابة باللغة الإنجليزية والتي تميز خريجين جامعة البترول عن غيرهم والتي ركزت عليها الجامعة في   السنة التحض...