الخميس، 3 أغسطس 2017

النقاط العشرين لمساعدة المهندسين

من خلال متابعتي لشكوى الكثير من المهندسين الخريجين من صعوبة الحصول على الوظائف رغم بحثهم المضني، أود أن أدرج في هذه المقالة عدد من النقاط التي أرها مفيدة لأبنائي المهندسين في مسيرتهم للبحث عن وظيفة والتي توصلت إليها من خلال خبرتي على جانبي طاولة مقابلة التوظيف:

1.   المعدل التراكمي لخريج الهندسة (أو أي تخصص) مهم جداً جداً لأنه يمثل سيرتك الذاتية خلال فترة حياتك السابقة للوظيفة، فالملتزم خلال دراسته وفترة شبابه سوف يكون ملتزماً بعد تخرجه، لا يمكن المساواة بين صاحب المعدل المرتفع بصاحب المعدل المنخفض والمتأخر في تخرجه بسبب حذفه أو إعادته للمواد والسميترات.

2.   لا تحاول أن تبرر انخفاض معدلك إطلاقاً واعترف أنه كان يمكن أفضل مما كان وأن لديك حماس وشغف للعمل والتدريب لإثبات نفسك وحاول أن تركز على مهاراتك وقدراتك التي لا يعكسها السجل الأكاديمي.

3.   الشهادة الجامعية مفتاح لأبواب الرزق وسوف يجد الخريج أن مفتاحه لن يستطع فتح جميع الأبواب المغلقة وكلما كان المعدل منخفض زات الأبواب المستعصية على الفتح ويحتاج أن يطرق أبواب عديدة ليتمكن من الحصول بزرق الله على الفرصة التي تناسبه.

4.   الأرزاق بيد الله والكثير يستطيع بمهارات تجارية وقيادية خلع جميع الأبواب والتطور في الحياة العملية وتوظيف الكثير من أصحاب الشهادات التي لم يتمكن من الحصول عليها.

5.   أنت المسئول عن توظيف نفسك وليس أحد آخر، لأنك تعرف قدراتك ورغباتك وطموحاتك ومهاراتك وليس أحد آخر.

6.   بطالة المهندسين خرافة لا تجعلها تسيطر على عقلك بالسلبية وتذكر أن لدينا 180 ألف مهندس أجنبي وأنها مشكلتك وحدك أن تتقن عمل أحدهم لتحل محله وتذكر أنك في بلدك وجميع الأنظمة والقوانين تم عملها لصالحك ولحمايتك.

7.   المعدل التراكمي أساسي كما ذكرت لفتح الأبواب واعطائك فرصة ولكنه لا يعوض الالتزام بالدوام والاهتمام بالعمل والتصرفات الإيجابية واحترام من حولك، أحد المهندسين تخرج بمرتبة الشرف في الهندسة وأصبح مهندس تصميم في أقل من سنة إلا أنه لم يستطع التطور الوظيفي بسبب غروره وعدم قدرته على التعامل مع زملائه والمقاولين، لا تدع الغرور يتسلل إلى نفسك (وهو طبيعة بشرية تحتاج إلى مقاومة) وتواضع وانشد المساعدة والتدريب مِن مَن حولك مهما كانت مستوياتهم.

8.   العلم والهندسة لا جنسية ولا دين لها فهي تخضع لنواميس علمية جعلها الله متاحة لجميع الكائنات على هذه الأرض، المهندسين الأجانب واقع نحن من استقدمهم للاستفادة من خبراتهم ويحتاج خريج الهندسة السعودي أن يلتصق بأصحاب الخبرات وتعلم المهارات الاحترافية منهم والتي توفر عليه الوقت والجهد الكبيرة، صادقهم ساعدهم اعزمهم كن صديقهم السعودي في غربتهم، سوف يساعدونك ويحبونك وتبني معهم صداقة وزمالة عمر، نحن مسلمون عرب أصحاب نخوة وحمية ولا يجب أن نعامل الناس بما يرتضيه لنا إسلامنا ومرؤتنا وانسانيتنا، دخلت أحد المشاريع فإذا بفريق المشروع مجتمعين لوداع أحد المهندسين السعوديين لمغادرته الشركة، لاحظت حرارة الوداع من العمال والمشرفين والمهندسين فسألت أحد المشرفين الهنود عن أسباب هذه الحفاوة فقال: كان يعمل معنا بإنسانية وتواضع ولا ننسى أنه حمل أحد العمال المصاب في الموقع واوصله إلى المستشفى بسيارته وأجبر المستشفى على قبول حالته.

9.   لأصحاب المعدلات المنخفضة لا تعاند قدراتك بما لا تستطيعه، أحد الشباب أرسل لي غاضباً من شركته أنها لم تعينه في المكتب الفني للقيام بأعمال التصاميم وأنهم يفضلون الأجانب، طلبت سجله الأكاديمي فوجدته غير ملائم إطلاقاً لأعمال التصميم الفنية، نصحته أن يركز على إدارة المشاريع والإشراف على التنفيذ والسلامة والتي تناسبه إلى أن يكسب الخبرة.

10.    لا تجعل الحصول على الوظيفة الحكومية هدف حياتك فقد كانت صعبه أيامنا وهي أصعب بكثير من أيامكم، اجعل التدريب والعمل الهندسي خلال الخمس سنوات الأولى هو هدفك، لا تنجر وراء الأعمال الإدارية وتصبح "كاتب فني" وتترك الخبرات تمر من أمامك تسمع عنها ولا تمارسها.

11.    من يعمل في القطاع الخاص يجب عليه أن يتخلص من عقلية العمل الحكومي والتي تعتمد على ساعات العمل المحدودة والزرقات والاجازات الغير مجدولة، من يعمل في القطاع الخاص يجب أن يتبنى عقلية الانتاجية من نفسه ومن الآخرين، لن تنجح في القطاع الخاص إلا بنجاح شركتك كمنظومة، أحد المهندسين الأوروبيين ذكر لي عن تجاربه المريرة في السفر إلى الصين أوائل التسعينات والمخاطر التي واجهها في السفر بالطائرات الصينية داخل الصين، فقلت له ما دعاك لهذه المخاطر؟ قال كان يجب على أحد أن يعمله لفتح أسواق الصين وأنا فخور أمام شركتي وبلدي أنني من فعل ذلك وأصبحنا الشركة الأوربية الأولى في الصين، بمثل هذه العقليات تبنى الحضارات.

12.    وسع مجال البحث الجغرافي عن الوظيفة فلا تحد نفسك ومستقبلك بمدينة أو منطقة معينه وسوف تجد الاستراحة والأصدقاء في كل مكان، أحد الشباب ساعدته في الحصول على وظيفة في ينبع قال ماني رايح ينبع، أخذها شاب آخر واستقر فيها وأُعطي بيت وحصل لزوجته وظيفة في المدرسة بجوار البيت.

13.    القطاع الصناعي واعد جداً هو أساس اقتصاديات الدول العظمي، ركز على صناعة يتميز فيها تخصصك وابحث وتعلم من النت عن هذه الصناعة وأساسياتها وتحدياتها، سوف تفيدك كثيراً هذه المعلومات في البحث والمقابلة الشخصية وتغطي جوانب الضعف لديك.

14.    يغلب على القطاع الصناعي جانب التشغيل والصيانة والذي لا يحتاج إلى تحصيل أكاديمي عالي ويحتاج إلى الاعتمادية والانضباط وتحمل المسئولية، سألت عن أحد المهندسين الشباب أثناء جولة في أحد المصانع أثناء توقف الصيانة فلم أجده، وجدته في المكتب فقلت له لماذا أنت هنا ورجال المصنع كلهم في أعمال الصيانة والفك والتركيب، قال حر وهذا عمل الهنود العمال أنا مهندس، قلت ليس المطلوب منك تصميم المعدات فقد صُممت وأُنتجت قبل مولدك ومولدي وتحتاج أن تتعلم كيف تفك وتركب قطع الغيار وتطلب قطع الغيار المناسبة وإلا ضحكوا علينا هنود وأعاجم الشرق والغرب، وفي الجهة الأخرى هناك شاب اعتمدنا عليه من أول شهر رغم أن تحصيله الأكاديمي لم يكن عالٍ إلا أن مهاراته القيادية وحسه الهندسي وقدرته على التعامل والتعلم من زملائه مكنته من الدخول في فريق العمل وخرج من طور التدريب إلى العمل بسرعة كبيرة، حتى نال احترام المقاولين والاستشاريين وأصبحنا ننتظر مداخلته في الاجتماعات.

15.    ابحث في كل مكان وبكل الوسائل (حضورياً- هاتفياً- بريدياً – موقعياً) لا تدع باباً إلا وتطرقه.

16.    إذا لم يكن هناك خيارات فاقبل بأول عرض يصلك، من الأفضل أن تتوظف وتحصل على دخل وتدريب بأسرع وقت ممكن.

17.    يمكن الاستمرار في البحث عن الوظيفة "الحلم" والتي في الغالب يكون أسهل أن تحول الوظيفة التي بين يديك إلى الوظيفة الحلم بالجد والاجتهاد والتفاني في العمل، أذكر أنني تقدمت لطلب العمل في ارامكو والذي تأخر فلم انتظرهم وحصلت على وظيفة والتحقت بها، اتصلتْ ارامكو بعد ثلاث سنوات من التقديم وعرضوا راتب أقل من راتب وظيفتي بسبب سلم الرواتب قلت لهم سلم رواتبكم ينطبق على موظفيكم ولا ينطبق علي.

18.    إذا استدعيت للمقابلة الشخصية فتجهز لها والبس لها أفضل ما يبرز شخصيتك ويناسبك، هناك الكثير من الشباب يدخل المقابلة الشخصية بملابس رثة وقصات شعر شاطحة والكثير من الخواتم والجوالات والنظارات الشمسية والتي لن تساعده إطلاقاً في الحصول على وظيفة.

19.    لا تحاول استعطاف الشركات بأنك عاطل منذ زمن طويل، للأسف تحسب عليك والغالب سوف يعتقد كل من تشكو له أن الآخرين عرفوا شيء عنك لم يتمكن من معرفته، إن سوئلت عن سبب تأخيرك فقل بأنك مشغول بالتدريب والبحث عن وظيفة وشركة ذات مسار وظيفي طويل المدى.

20.    تحدث بإيجابية بشكل عام خلال المقابلة وأنك على استعداد للعمل مع جميع موظفي الشركة بكافة جنسياتهم.

السبت، 15 يوليو 2017

الرد الوافي على مقال الاستاذ الوذناني

اأود في هذه المقالة إبداء وجهة نظري حيال ما سطره الدكتور عبدالعزيز الوذناني بمقالته في عكاظ بعنوان: نموذجنا الاقتصادي غير قابل للاستمرار.

ألمانيا واليابان:

التجربة الألمانية واليابانية فريدة من نوعها على مستوى العالم ومن الصعب أن تقارن أي دولة من دول الشرق أو الغرب مع تجربة هاتين الدوليتين التي أدى إبداعهم وإنتاجيتهم العالية (بأعلى جودة يمكن للبشر أن يصلوها) إلى غرور وجنون عظمة أدى بالأولى أن تجتاح أوروبا وأدى بالثانية أن تجتاح آسيا. والنهضة العلمية الصناعية في كلتا الدولتين كانت قبل الحرب العالمية الثانية والذي أدى إلى وصول هذه الدول إلى مرحلة البطر الصناعي والاقتصادي برر لهم الدخول في الحرب العالمية الثانية والتي لم تنته إلا بدمار شامل لهما، هذا الدمار كان أساس نهضتهم الثانية بعد الحرب حيث تدمرت البنية التحتية والمباني والمصانع إلا أن العقول لم تدمر واستطاعت أن تعيد قوتها الصناعية أفضل مما كانت، الإبداع الألماني والياباني وما نتج عنه من معجزات اقتصادية  والذي كان أساس للتطور العلمي والصناعي في جميع أنحاء العالم أراها نتيجة لإبداع هذه الشعوب على مستوى الأفراد وشغفهم بإخلاص في العمل والإنتاجية المرتفعة التي وضعتهم في أعلى دراجات التقدم العلمي والصناعي، وأرى أن معجزة هاتين الدولتين العلمية قد أعجزت جهابذة علم الاجتماع والانثربولوجيا وبالتأكيد سوف تعجزنا، أرى أن نستفيد من التجربة الكورية في التدرج في تقليد النموذج الألماني والياباني والتركيز على الأساسيات (التعليم – الصحة – النظام الصارم في الحياة والعمل).

سر نجاح ارمكو:

قضيت جل حياتي في الدمام وكل جمعة كان يأخذنا الوالد رحمه الله إلى الخبر لأنها كانت أغلبها حدائق غَنَّاء وكنا نمر بالظهران أو ما كان أبي يسميه "الشبك" نسبة إلى السياج المعدني الذي يحيط بمنطقة عمل وسكن أرامكو، هذا الشبك في نظري هو سر نجاح أرامكو، لقد مكنها هذا الشبك أن تعمل بعيداً عن البروقراطية خارج الشبك ومكنها أن تعمل مدراس التدريب المهني الخاص بها والتي تفيدها في الإنتاج وليس مجرد منح شهادات للحصول على وظيفة، مكنها من بناء مدارسها النموذجية لخدمة موظفيها داخل الشبك وخارج الشبك (بينما وزارة التعليم خارج الشبك تستأجر المنازل لتحويلها إلى مدارس). مكنها الشبك من أن يكون لها نظام دوام صارم يجعل موظفي ارامكو بعيدين عن العادات والتقاليد الاجتماعية التي تجعل العمل آخر أولويات الفرد وتجعل الكثير من أقارب الموظف يمتنع عن زيارته ولعب البلوت معه إلى ساعة متأخرة، مكنها الشبك من عمل نظام صارم في التعيين والترقيات لا يخضع للمحسوبية والمناطقية التي تحجز الوظيفة خارج الشبك لمن لم يتخرج بعد، ورغم أننا كسعوديين لا نحب "الشبوك" إلا أن هذا "الشبك" كان شبكاً حميداً يستحق الإشادة به، أرامكو منذ قيامها لها نظام خاص بخصوصية برميل البترول والذي مكنها من إعطاء المميزات والتدريب وتملك البيوت والذي لم ولن يستطيع أن ينافسها فيه أي من القطاعين العام والخاص، وينطبق هذا على بقية الشركات التي تملك الحكومة فيها نسبة كبيرة، وكمثال على هذه المميزات كان لنا زميل في جامعة البترول مبتعث داخلياً من أرامكو كان راتبه ومميزاته الوظيفية أفضل من الأستاذ الجامعي الذي كان يدرسنا.

القطاع الخاص والسعودة:

لم يكن القطاع الخاص بشركات مقاولاته ومصانعه ومتاجره جذاب أو حتى في قائمة الفرص التي يفكر فيها المواطن السعودي بمختلف المهارات والشهادات وكانت الوجهات (الوظائف المدنية- الوظائف العسكرية- الشركات والهيئات الحكومية)، كان السعوديين بكل أطيافهم العلمية يجدون الوظائف حال تخرجهم وتستقطب الشركات الحكومية أفضلهم بمميزات الابتعاث الداخلي والخارجي والمميزات الوظيفية الأخرى، وكانت الوظائف التعليمية تأتي في المرتبة الثانية لكادرها المميز، كان الغالبية مِن مَن يتجه إلى القطاع الخاص ليس كموظفين وإنما كأصحاب مؤسسات وشركات والذي كان من السهل جداً فتحها واستقدام العمالة اللازمة التي كانت تغذيها مشاريع التنمية المختلفة، مع انحسار أسعار البترول والتي صاحبها قلة في الوظائف الحكومية ولجوء الشركات الحكومية إلى عقود الإسناد أصبح هناك ضغط كبير على القطاع الخاص لتوظيف السعوديين وظهر مصطلح الإستقداميون وأصبحت التأشيرات لا تصدر إلا من مكتب وزير العمل والتي نتج عنها انسداد كبير في إنجاز المشاريع وتعثر الكثير منها، ولحل هذه المشكلة ظهرت نطاقات والتي أراها عالجت موضوع الاستقدام بموضوعية وصرامة كبيرة وخاصة عندما تم ربط نظام مكتب العمل والتأمينات والزكاة والدخل والجوازات بنظام واحد صارم على الجميع.

اتفق مع ما طرحه الدكتور عبدالعزيز بأن مشكلة التوظيف مجتمعية لأن المجتمع للأسف لا زال يرى أن مجرد حمل السعودي للبطاقة الوطنية يعطيه أفضلية على غيره وإن لم يكن يملك التأهيل والمهارة اللازمة، أحدهم جاء مزمجراً لماذا تم الخصم على ابنه لأنه غاب لأنه كان عنده ضيوف والتزامات ما هو "بهندي" عندكم، نظرة المجتمع أن السعودي يجب ألا يطلب منه إنتاجية وأن يكون جاهز "للزرقه" وجاهز لخدمة ضيوفه وبيته والعمل والإنتاجية في آخر أولوياته، أحدهم يشتكي في تويتر أنه لم يجد وظيفة فعرضت عليه وظيفة قال " تبي تكدن للشركات" أبي وظيفة في بلدية المجمع القروي بجوار أهلي، مع ارتفاع تكلفة الأجنبي وزيادة عدد الخريجين والخريجات أصبحت الشركات الجادة تبحث عن السعودي القيادي المؤهل وهم كثر وحصلوا ويحصلون على وظائف في القطاع الخاص برواتب تتعدى ٢٠٠ ألف ريال شهرياً والأمثلة كثيرة.

 أعتقد أن الصراع من أجل البقاء هو المعركة التي يخوضها القطاع الخاص في هذه الظروف الصعبة على مستوى العالم، وأن مرحلة الجشع الربحي ولت وإذا تم تحميل القطاع الخاص المشاكل الاجتماعية والتعليمية وتنمية المهارات لن يزيد إلا الشركات الخاسرة والتي سوف تودي إلى رفع الأسعار وزيادة التكاليف وتعثر المشاريع، القطاع الخاص يعيش على الإنتاجية والربحية والتي بدونها لن يكون مصيره إلا الخسارة والإفلاس ولن يتردد رجل الأعمال الناجح في فصل ابنه إذا وجد أن ابنه قد يؤدي به إلى الخسارة، وأنا متفائل بكم الخريجين والخريجات الكبير من الداخل والخارج والمنافسة الكبيرة وأرى بوادر النظرة الاحترافية للعمل والمنافسة بينهم للحصول على التدريب والتأهيل اللازم وأرى استعداد الكثير منهم للتنقل والعمل الجاد، وأرى أن خلال الخمس سنوات القادمة سوف نرى سيطرة شبه تامة للعنصر النسائي على الوظائف الإدارية والموارد البشرية ونظم المعلومات لما يتمتعون به من إخلاص والتزام ومهارات لغوية عالية جداً مقارنة بأقرانهم من الشباب.

بيوت الخبرة:

تطرق الأستاذ عبدالعزيز في مقالته إلى بيوت الخبرة وأنها كانت وراء نجاح ألمانيا واليابان وأرى أن بيوت الخبرة نتيجة وليست سبب، لن تقوم وتترعرع بيوت الخبرة إلا بالعنصر البشري المؤهل على مدار أجيال فإذا توفر هذا العنصر تم بناء بيوت الخبرة على أساسه، عندما فكرت شركة مايكنزي التوسع خارج الولايات المتحدة بدأت ببريطانيا وألمانيا لتوفر الموارد البشرية العالية المستوى الذي تسعى لاستقطابهم، استطاعت بيوت الخبرة مثل بكتل وبارسونز أن تجعل مدينتي الجبيل وينبع من أفضل المدن على مستوى العالم، نستطيع أن نؤسس بيت خبرة سعودي بين ليلية وضحاها بجمع أفضل من يحمل الدكتوراه في الجامعات السعودية في أغلب التخصصات ولكن هل يكفي التأهيل الأكاديمي لتقدم خبرات تطبق على الواقع؟ الجواب لا يكفي لأن الخبرة الأكاديمية لمهندس إنشائي يمكنه أن يدرس تصميم الجسور ولكن ليس لديه الخبرة العملية الاحترافية لتصميم جسر بشكل متكامل ويحتاج دعم من عدة تخصصات دقيقة، بيوت الخبرة تحتاج إلى عدد هائل من الموارد المتخصصة ذات الخبرة فتجد لدى هذه البيوت مكتب في اليونان لمشاريع التربة ومكتب في دبي لمشاريع الأبراج ومكتب في مصر لمشاريع الطرق ومكتب في الفلبين للدعم الفني، نحتاج الكثير من العلم والعمل لعمل بيوت خبرة بمستوى عالمي.

أرجوا أن لا أكون قد أطلت في النقاط أعلاه والتي أرى أنها توضح النقاط التي ذكرها الدكتور عبدالعزيز من وجهة نظري الشخصية بشكل كامل ومن خلال عملي في القطاع الخاص لأكثر من ٢٠ سنة ولا أدعي أنها تمثل رأي القطاع الخاص بشكل عام والذي يحوي الخبرات المختلفة بمختلف المشارب.

الأربعاء، 5 أبريل 2017

صناعة في البلد أمان من الفقر


من خلال متابعتي لما يجري في اقتصادنا المحلي بشكل خاص والعالمي بشكل عام، "قل لي عقلي" (والتي اعتاد أحد الزملاء تكرارها كلما أتته فكرة جديدة) أن أكتب مقال عن الصناعة الوطنية والتي وجدت نفسي متعلقة بها منذ صغري.


نعم من أول رحلة مدرسية قمنا بها لمصنع الزامل فريدريك للمكيفات كما كان يسمى آنذاك وانبهاري الشديد بخطوط الإنتاج والانبهار الأكثر عندما أشار إلينا مرشد الرحلة إلى شاب سعودي بلباس الجينز وقميص مقلم "هذاك الزامل" مع المهندسين الأمريكان، كان شاباً يافعاً حاد الملامح ويناقش باهتمام شديد وكان ذلك عام ١٩٧٩م في الصناعية الأولى والتي لم يكن فيها إلا مصنع المكيفات وعدد من المصانع تحت البناء، تطورت شركة الزامل بشكل كبيرة خلال  ٣٧ سنة الماضية وأصبحت من الشركات الوطنية التي تصدر منتجاتها من التكييف والمباني الحديدة إلى أصقاع الأرض، وأتذكر أنني في إحدى الرحلات بالطائرة قبل ١٥ سنة كان بجواري ياباني يعمل في السفارة اليابانية وقال أنهم عملوا مسح للشركات العائلية في المملكة وخلصوا أن شركة الزامل من أفضل الشركات الواعدة إذا استطاعت إبعاد مشاكل العائلة عن الشركة، وأظنهم استطاعوا بتحويل الشركة إلى مساهمة عامة وحصل النمو والنجاح المتوقع الواضح في القوائم المالية التي أصبحت مليارية.


أوردت المثال السابق لشركة الزامل لأنها نموذج ناجح للصناعة الوطنية التي استطاعت أمام أعيننا إثبات أن الصناعة الوطنية المتوسطة والصغيرة قادرة على النمو والاستمرار رغم المنافسة الصينية وإغراق الأسواق المحلية بالمنتجات من جميع أنحاء العالم، وللمناقشة الموضوعية والبعد عن العواطف التي لا تصنع اقتصاد أود  طرح روافد نجاح الصناعة  والسلبيات التي تعوق نموها وتطورها.
المدن الصناعية من أهم روافد نجاح الصناعة المحلية والتي وفرت الأرض والبنية التحتية بأسعار مدعومة سهلت استثمار الصناعيين في خطوط الإنتاج وما تحتاجه من رأس مال عامل بدل من استهلاك السيولة في شراء أرض وايصال الخدمات لها  والتي كان لها الأثر الكبير في قدرة المنتجات الوطنية على التنافس.

قامت وزارة الصناعة بتأسيس هيئة المدن الصناعية – مدن لتعمل بمعزل عن بيروقراطية الوزارة وتسهل الصناعة وقد كانت إضافة إيجابية هامة مكنت من إنجاز المعاملات إلكترونياً وطورت مدن صناعية جديدة، إلا أن مدن أتت بأعباء مالية إضافية على الصناعة تمثلت في رفع الإيجار والرسوم الشهرية من تاريخ إصدار رخص البناء إلى أن يتم التشغيل الصناعي والذي زاد الأعباء المالية على المشاريع الصناعية وأخرج الكثير منها من جدواه الاقتصادية وتوفر السيولة على المدى القريب والذي تكون فيه المصانع في أمس الحاجة للسيولة النقدية لإكمال خطوط الإنتاج وتحمل تكاليف إدخال المنتجات في السوق والمنافسة مع المنتجات الأجنبية وتحمل تكاليف تدريب السعوديين، أرى بأنه يجب إعادة دراسة تكاليف الأراضي الصناعية من قبل مدن وإعادة توزيع هذه التكاليف بعد السنة الأولى من الإنتاج مساعدة المصانع لتخطي الصعاب في فترة التأسيس.


القروض الصناعية عن طريق صندوق التنمية الصناعي وفرت سيولة نقدية موجهة للصناعة بشكل خاص أراها الأساس الذي قامت علية الصناعة ليس فقط من الناحية المالية بل من جميع النواحي التسويقية الفنية والقانونية، لقد نجح الصندوق في تأسيس نظام صارم للمنح القروض مكن من رفع مستوى الصناعية وتوجيهها إلى الصناعات ذات الجدوى الاقتصادية والتي تناسب احتياجات الوطن من الصناعات المختلفة، وتمكن الصندوق من تطوير خبراته المحلية إلى أن أصبح اعتماد الصندوق للقرض يمثل شهادة ولادة للمصانع السعودية.

أحد الشباب عرض مشروع صناعي على أحد رجال الأعمال المخضرمين فقال له: قدم يا ولدي على الصندوق فإذا اعتمده شاركتك، أرى أن الصندوق يحتاج إلى زيادة الدعم بزيادة مخصصاته المالية المتاحة للإقراض وأخذ دور المبادرة في خلق الفرص الصناعية وتجهيزها للاستثمار بما يملك من خبرات متراكمة وموارد وطنية خبيرة ولله الحمد، أرى أن هناك فرص كبيرة جداً لتصنيع الملابس في المدن الصغيرة والتي يمكن للرجال والنساء بمختلف الأعمار العمل فيها شريطة أن يتم منع استيرادها من الخارج مثل ما فعلت تركيا، ويمكن أن يتم تأسيس مثل هذه المصانع كتعاونيات تدار بطريقة الجمعيات التعاونية والتي يكون العاملين هم الملاك، مثل هذه المشاريع لن يستطيعها إلا الصندوق بالتعاون مع وزارة الصناعة والشئون الاجتماعية.


حماية الصناعة الوطنية بفرض الرسوم الجمركية على المستورد المنافس لها كان ولايزال من أهم مقومات الصناعة الوطنية والتي تطبق من قبل أغلب دول العالم وتصل الحماية إلى منع الاستيراد مطلقاً لمنتجات تستطيع الصناعة الوطنية الاكتفاء منها كما ونوعاً، يتم فرض رسوم جمركية ٢٠٪ على المنتجات التي لها منافس وطني ولكن ذلك يحتاج الكثير من الوقت والبيروقراطية لإثباته واقترح أن يتم التنسيق بين الجمارك ووزارة الصناعة وصندوق التنمية بأن يتم فرض الرسوم بعد دخول المنتجات الوطنية إلى السوق وأن يتم ذلك بطريقة آلية.


استخدام القوة الاستيرادية الاستهلاكية للمملكة للضغط على الشركات المصدرة لنا لإقامة مصانع محلية والذي تسعى شركة أرامكو السعودية تطبيقية تحت مسمى "اكتفاء" حيث تشترط قيام الشركات العالمية بالتصنيع المحلي لمنتجاتها ليصل إلى ٧٠ ٪ من التوريدات التي تحتاجها أرامكو ويكون ذلك على مراحل على عدة سنوات، نحتاج مثل هذا البرنامج أن يطبق في وزارة الدفاع والداخلية والصحة ومحطات التحلية والذي سوف يكون له أثر كبير في توطين التقنية والصناعة .
تأسيس هيئة للصانعين على غرار هيئة المقاولين والتي أرى أنها مهمة جداً في هذا الوقت لترتيب أوضاع الصناعة والتنسيق بين الصناعيين للوقوف أمام الإغراق وتمثيل الصناعيين أمام الجهات التنظيمية المختلفة ومساعدتها على إصدار وتعديل الأنظمة المتوازنة، وأرى أن يتم دمجها مع هيئة تنمية الصادرات لتوحيد الجهود.


 وأخيراً أنا مقتنع أننا نحتاج أن نصنع ما نستهلك ونأكل ونلبس ثم نصنع لنصدر ومقتنع بأن أغلب الصناعات مجدية لدينا وقادرة على المنافسة إذا توفر لها البيئة التنظيمية المشجعة وليست الطاردة مثل ما يحدث في أغلب دول العالم والتي تفرح مدنهم بإقامة المصانع وتتنافس بالتسهيل لها لخلق الوظائف، نحتاج أن نفرح عندما يجد أبنائنا وظائف وبناء مستقبل وظيفي في المصانع السعودية.

الأربعاء، 15 فبراير 2017

البنية السطحية لم تعد تكفي

تعاني المدن والمناطق الحضرية السعودية من مشاكل تتكرر بشكل سنوي موسمي كل عام، شتاءً نفرح بهطول الأمطار ولكن فرحتنا تتبدد بفيضانات الشوارع... لا أعتقد أننا نفرح بقدوم الصيف لا بفرحتنا بموسم الرطب والحبحب ونوم التكييف البارد التي ينغصها مشاكل انقطاعات التيار الكهربائي، ورغم أننا نعاني من شح المياه وارتفاع تكاليفها إلا أن مدننا تعاني من نزيف مستمر للمياه من شبكات المياه بسبب التسريبات الناتجة عن سوء الصيانة أو انتهاء العمر الافتراضي لهذه الشبكات والتي لا يعلم عنها أحد لأنها مدفونة، ونعاني صيفاً وشتاءً من حفريات الشوارع التي في غالبها ردود فعل سريعة لحل مشاكل تصريف مياه الأمطار أو تمديدات كهربائية للاستجابة لزيادة الأحمال صيفاً أو إصلاحات لشبكات المياه.

والمشكلة الأساسية في نظري تكمن في محاولتنا حل مشاكل مدننا بحلول البنية السطحية حيث تعتمد مدننا في جلها على تصريف مياه الأمطار سطحياً باختلاف مناسيب الشوارع والمخططات وهذا مستخدم حتى مع وجود أنابيب تصريف مياه الأمطار في بعض المناطق المطورة حديثاً حيث لا تجد هذه الأنابيب نظام مركزي للتصريف وينتهي بها الأمر في أحد المواقع المفتوحة والتي لم يصلها العمران. طريقة التصريف السطحية قد تعمل بشكل جيد في المدن الصغيرة التي لا يوجد بها رقعه سكانية كبيرة ويوجد بها مواقع تصريف صحراوية يمكنها امتصاص مياه الأمطار، إلا أنها غير مجدية في المدن الكبيرة التي أصبحت رقعة المباني والشوارع المسفلتة كبيرة جداً وأصبحت أدوات تجميع فعالة لمياه الأمطار أو وديان صناعية تجعل من المستحيل تجميعها بالطرق السطحية.

وكذلك الحال بالنسبة لمشكلة زيادة الأحمال الكهربائية في الصيف بسبب أحمال التكييف نظراً للاستخدام السائد لأنظمة التكييف النافذية أو المنفصلة والتي تعتبر الأسوأ في جميع أنظمة التكييف من ناحية استخدام الطاقة نظراً لعدم إمكانية ترشيد أو المشاركة في أحمال التكييف للضعف التقني لمثل هذه الأنظمة. ومع التقدم التقني أصبحت المدن الحديثة تعتمد على أنظمة تكييف وتدفئة مركزية ليس على مستوى المبنى فقط وإنما على مستوى المدن حيث يتم تبريد المياه في محطات تبريد مركزية كبيره عالية الكفاءة في استخدم الطاقة وكذلك استخدام الطاقة الحرارية المهدرة من مولدات الطاقة الكهربائية فيما يعرف بالتوليد المزدوج، هذا بالإضافة إلى قدرة هذه الأنظمة لترشيد استهلاك الكهرباء خلال فترات الذروة عن طريق تخزين طاقة التبريد خارج أوقات الذروة، واعتقد بأنه حلم لكل مواطن أو مستثمر أن يتخلص من أجهزة التكييف في مشروعه مع تبعاتها من تمديدات كهربائية عالية التكاليف وتوصيل مشروعه بأنبوب مياه التكييف الباردة ويتم محاسبته على أساس طاقة التكييف المستخدمة بواسطة عداد خاص بذلك.

ولتتمكن مدننا من التخلص من التصريف السطحي للأمطار واستخدام أنظمة تكييف المدن الحديثة فإنها تحتاج إلى بنية تحتية من أنفاق الخدمات العميقة والتي يتم إنشائها تحت الأرض بأعماق تمنع التعارض مع المباني والمنشئات السطحية، وقد أصبح ذلك ممكناً مع التطور الكبير في معدات وآلات الحفر التي يمكنها حفر أنفاق عميقة بأقطار كبيرة بدون التأثير على المباني والمنشئات السطحية، سوف تمكن هذه الأنفاق من تصريف مياه الأمطار وتحوي التمديدات الخاصة بالكهرباء ومياه التبريد المركزية وكذلك تمديدات المياه والاتصالات والتي يشهل صيانتها داخل هذه الأنفاق،  واعتقد بأنه أصبح الوقت مناسب لإنشاء مثل هذه الأنفاق عن طريق تأسيس شركة حكومية لهذا الغرض وذلك لارتفاع التكاليف الرأسمالية لمثل هذه الأنفاق وإمكانية إهلاك هذه التكاليف على سنوات طويلة، وسوف يكون الدخل الرئيسي لهذه الشركة عن طريق رسوم الانتفاع لاستخدام هذه الأنفاق لشركات الخدمات التي تستخدم هذه الأنفاق، ويمكن أن شركات الخدمات مثل شركة الاتصالات والكهرباء والمياه وشركات متخصصة في التكييف المركزي للمدن (الذي سوف يصبح ذا جدوى في وجود مثل هذه الأنفاق) كشركاء مؤسسين في هذه الشركة، وأرى بأن مثل هذه الحلول للبنية التحتية ليس بجديد ومطبق في جميع الدول المتقدمة والتي يخدم مدنها شبكة من أنفاق الخدمات مكنت المدن من التوسع في الخدمات بصمت وتكاليف منخفضة، واعتقد بأن الوقت مناسب جداً لمثل هذه المشاريع في مدننا الكبيرة والتي أصبحت ولله الحمد تضاهي أكبر المدن العالمية في تقدمها وإمكانياتها. 

وقد يكون ما قمت بطرحه في هذا المقال حلم قد يرى الكثيرين أنه يصعب تحقيقه في ضل تعثر الكثير من المشاريع الحكومية فوق الأرض فكيف ببنية تحتية بأنفاق تحت الأرض!!!!! إلا أنني مؤمن بأنه يجب علينا عدم التوقف عن الأحلام وخاصة إذا كان لدينا مقومات تحقيقها.

وأخيراً أود أن أضيف أن الأنفاق ووجودها تحت الأرض لن تحتاج إلى نزع ملكيات!!! لأنه حسب معرفتي القانونية المتواضعة تقتصر الملكية العقارية لما فوق هو فوق الأرض وجميع ما تحت الأرض من أنفاق وموارد معدنية تملكها الدولة وهذا بدوره قد يسهل مهمة تحقيق الحلم.

الجمعة، 17 يونيو 2016

الأجنبي في حياتي

الأجنبي لفظ دارج بيننا معشر السعوديين نطلقه على كل من هو غير سعودي أو غير خليجي ونطلقه على العرب والعجم والمسلمين وغير المسلمين ممن قدموا إلينا للعمل فيما لم نستطيع إتقانه أو لا نرغب في ممارسته.

قررت أن أكتب هذه المقالة بعدما دخلت في مناقشات عديدة في مواقع التواصل الاجتماعي حول علاقتنا بالأجانب من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، وقد رأيت أن أسرد تجاربي وخبراتي الشخصية في العمل والدراسة مع مختلف الجنسيات على مر تاريخي الدراسي والعملي والتي أرجو أن أستخلص منها ما يفيد.


كان أول معرفتي واحتكاكي بالأجانب عندما كان عمري خمس سنوات حينما تعرفنا على جارنا الفلسطيني "أبو سناء"، كان أبو سناء يعمل في أحد الشركات وكنا نستغرب ملابسهم وأكلهم وطريقة معيشتهم المختلفة كليا عنا، حيث قدمنا للتو من القرية وهم كانوا قادمين من لبنان والأردن.

كنا نستغرب أن أم سناء تجيد القراءة والكتابة وتعلم أطفالها وهي تطبخ، تعلمت أمي رحمها الله الكثير من أم سناء وخاصة الطبخ الشامي واستخدام زيت الطبخ بدلاً عن السمن، كان أبي رحمه الله ينظر إلى أبو سناء باحترام شديد واجلال ويقول هذا متعلم ويعرف اللغة الإنجليزية وكيف استطاع بعلمه أن يتغلب على احتلال بلده ويعيش في السعودية أفضل عيشة من أهلها.

كان أبو سناء محافظ جداً على الصلاة وقراءة القرآن وصيام رمضان والست من شوال وكنا نستغرب تناقض هذه المحافظة الدينية مع طريقة لبس عائلته للقصير وعدم تغطية الشعر وعدم لبس العباية والذي كان سائداً في الستينات والسبعينات الميلادية.


كانت أمي رحمها الله ترسلني لأذاكر مع أبناء أم سناء والتي كانت تجمعنا على طاولة الطعام في المطبخ والذي أتذكر تفاصيله جيداً والتي لا تختلف عن مطابخنا الحالية، بعد أكثر من 40 سنة كانت تعلمنا العربي والإنجليزي والحساب بكل حماس وهي تطبخ وهي تعمل المخللات وهي تعمل الخبز بالزعتر، كانت طريقة حياتهم مختلفة زاخرة بألوان في الطعام والشراب والملبس ارتبطت في اذهاننا جميعا بطريقة حياة الأجانب حتى شرب المياه، كانوا يشربون مياه "الصحة" في قوارير ونستغرب أنهم يشترونها بينما نحن نشرب من مياه "البزبوز" التي لا نعرف أنها مالحة إلا بعد عودتنا من الجنوب.


تمكن أبي رحمة الله عليه من الكفاح وتحسين مستوى معيشتنا بالمكيف وتفصيل مطبخ بلدي (لا يرقى إلى مطبخ أم سناء) ولكنه أصبح ضروري لاستيعاب قدور وصحون أمي بعد أن تعلمت الكثير من الطبخات التي أضافت على مائدتنا الكثير من الألوان.


كان أبي يعمل بنفسه في قلاب يملكه ولما تطور العمل وظف عدد من الأقارب لسياقة القلابات الإضافية والذي يعمل معهم يومياً ويحاسبهم باليومية.

مع بداية الطفرة العمرانية منتصف السبعينات أصبح هناك شح شديد في اليد العاملة والذي غطته العمالة اليمنية وبالتدريج اختفى العامل والسائق السعودي لانفتاح الفرص أمامهم في العسكرية والأعمال الحرة وأصبح جميع العاملين عند والدي رحمة الله من الجنسية اليمنية وبعض العمانيين الذين اختفوا من سوق العمل السعودي بعد تولي السلطان قابوس الحكم.


كنت ألزم أبي رحمه الله في العطل الصيفية في العمل من الصباح حتى المساء وكان رحمه الله يعامل العمالة اليمينة التي تعمل معه برحمة شديدة تكاد تكون أقرب إلى الأبوة والتي لم تؤثر في حزمه وعدم قبوله للكسل وانخفاض الإنتاجية، كان يأكل معهم ويلاطفهم ويعطيهم السلف لإرسالها إلى أهلهم وكان حريص أشد الحرص على استلامهم مرتباتهم وحقوقهم رغم عدم وجود أي أنظمة للعمل والعمال، كل هذا جعل للوالد رحمه الله الكثير من السمعة الطيبة لدى مجتمع العمالة اليمينة وصلت قرى اليمنيين وجعلهم يشدون الرحال من اليمن للعمل مع "أبو علي"، كذلك حصل رحمه الله على ولاء وإخلاص من العمال جعل الكثير منهم يعمل لدية لأكثر من 30 سنة ويخلصون له في العمل والأمانة مما مكنه من نجاحات كبيرة.


دخلت الثمانينات وازدادت معها تعقيدات وتقنيات الأعمال والتي نقلتها من الأعمال اليدوية إلى المصانع والمعدات الكبيرة ذات الإنتاجية العالية والتقنيات المعقدة، لم تستطع العمالة اليمنية مواكبة هذه التقنيات كماً وكيفاً والذي دعا الدولة السماح باستقدام العمالة الاسيوية، كانت تايلند أول وجهه لاستقدام العمالة لشركة أبي رحمه الله، وقد كان للعمالة التايلندية التأثير الإيجابي على العمل من أول يوم وصولهم لما يتمتعون به من المهنية وتعدد المهارات واهتمامهم الشديد بالعمل والمعدات خصوصا.

كان سائق المعدة يهتم بمعدته مثل أحد أبنائه ويتعهدها بالصيانة والنظافة بدون أي تعليمات والذي لم نعهده في العمالة اليمينة أو السعودية، كان أغلب العمالة التايلندية يجيد اللحام والنجارة والحدادة كمهارات ثانوية بالإضافة إلى عملة.


في المدراس كان مدرسين القواعد والحساب والعلوم من مصر والأردن وسوريا ومدرسين القرآن والمواد الدينية والاجتماعية والفنية سعوديين (وللأسف لازال الوضع على ما هو عليه في مدراس أبنائي الخاصة)، كان المدرسين المصريين مميزين جداً ومعلمين محترفين، بينما كان "الشوام" كما كنا نسميهم قاسين ويستخدمون الضرب المبرح حتى بالحذاء، كنت أشكوا لأبي رحمه الله أن أحدهم ضرب الفصل كلة بالحذاء، قال "تستأهلون" كان الطلاب الأجانب من مصريين وفلسطينيين وسوريين مهتمين جداً بالدراسة ومهما أبدينا من اهتمام لم نستطع أن نبلغهم تحصيلاً ودرجات، عرفت سبب هذا الاهتمام الكبير بالدراسة عندما ذهبت مع أبي إلى عيادة الدكتور نسيم (طبيب الأطفال الباكستاني الذي حصل على الجنسية السعودية)، كانت شقته في الدور السابع وعندما كنا نتسلق الدرج سمعنا صوت بكاء طفل وشجار وصلنا دور الشجار فإذا بشخص شامي الملامح يضرب ابنه بطريقة عنيفة جداً لأنه لم يحفظ جدول الضرب  تدخل أبي ومنعه قائلاً: أنت تبغى تعلمه ولا تذبحه، قال يا أخي هذا فلسطيني إذا ما تعلم انرمى في الشارع، أكملنا المشوار وأبي يقول شفت كيف يهتمون بتعليم أبنائهم.
دخلنا على الدكتور نسيم رحمه الله والذي احتفل بأبي وأخذه بالحضن الباكستاني العريض قائلاً: كم سعر "الكنكري" يا بوعلي،  واذكر أن أمي رحمها الله كانت تتضايق من اهتمامه بالكنكري عندما يكون أحد أبنائها مريض، كان مهتم بسعر الكنكري  لأنه يبني عمارات بعد أن حصل مع العديد من الأطباء بأمر من الملك فيصل رحمه الله  لتشجيعهم على البقاء في المملكة، قال الدكتور نسيم لوالدي بعربية مكسرة: أبو علي لازم اهتمام تعليم لابنك يصير طبيب، أنا إبني لازم يصير طبيب حتى يلاقي شغل حتى في جيزان.

استمرت علاقة عائلتنا بالدكتور نسيم إلى الجيل الثالث، وإلى أن تقاعد عن العمل رحمه الله.

تخرج ابن الدكتور نسيم طب من جامعة الملك فيصل وبعثه على نفقته إلى أمريكا للإكمال دراسته، وقد كان يدرس معي في الثانوية ويتكلم العربية باللهجة الدمامية .


 كان الدكتور محمد ظفر مثل الدكتور نسيم، دكتور باطنية متجنس وكان هو الآخر طبيب العائلة والأقارب لتخصص الباطنية وقد أكمل أحد أبنائه مسيرة والده في العيادة.


قُبلتُ في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في أوائل الثمانيات وكان معظم الأساتذة في ذلك الوقت من الأمريكان والبريطانين والعرب والقليل من السعوديين، كان نظام جامعة البترول آنذاك يشترط نسبة عالية من المدرسين الأجانب من الدول المتقدمة لضمان جودة التعليم والالتزام.


هذه النظام مكن الجامعة من الحصول على اعتمادات مالية عالية لتتمكن من تغطية تكاليف الكادر التعليمي وتوفير بيئية سكنية عالية المستوى تمكن من استمرارهم في الجامعة أطول وقت ممكن.
تخرجت عام 1986م ووجدت وظيفة في إحدى الإدارات الهندسية بعد أن علمت أن لديهم مشاريع كبيرة، طلبت أن أعمل في القسم الهندسي فكان رد شؤون الموظفين: "أيش تبي به كله أجانب" فقلت أزين وأزين أبي أتعلم منهم، دخلت قسم أنظمة الميكانيكية لأنه كان تخصصي الدقيق وكان رئيس القسم المهندس عطا باكستاني والذي استغرب اختياري للقسم وبدأت العمل، كان القسم الهندسي بالكامل فيه 95 مهندس ورسام كلهم أجانب ما عدى 3 رسامين سعوديين وأنا.

 كان العمل الهندسي آنذاك مضني جداً بسبب الرسم والتحبير اليدوي وكانت الإنتاجية عالية جداً بسبب صرامة العمل، كنت أذهب لأحضر الشاهي وأعمل معي الشاهي للمهندس عطا والذي كان له الأثر الكبير على نفسياتهم والذي كان محط استهجان الزملاء السعوديين وكان ردي  بأني اعتبرهم معلمين لي ويجب تقديرهم واحترامهم، استفدت كثيراً من عملي في القسم الهندسي والذي لا أنساه إلى اليوم.
وأخيراً من الجولة السابقة في بعض محطات حياتي يتضح التأثير الإيجابي والخبرات الكبيرة التي اكتسبتها من ممارساته الحياتية مع من نسميهم "الأجانب" والذي كان لهم دور أساسي في تكويني الإنساني والمهني  والقيادي.

اعتقد أننا أفضل شعب في العالم في التعامل مع الأجانب ولكن ينغص هذا التعامل بعض السلبيات التي تطغى على الإيجابيات، من هذه السلبيات التعالي بالجنسية واستغلال سطوة الكفيل في التنكيل والظن أن الاستقدام والكفالة تعطي الحق بالاستعباد، تطغى هذه السلبيات لأنها تدخل في أعماق الأنفس البشرية وتترك جروح غائرة وتترك أثر سيّء علينا جميعاً على المستوى العالمي، اعتقد أننا معشر السعوديين نحتاج أن نتصالح مع أنفسنا أولاً  وأن نبعد عنا السلبيات المناطقية والقبلية التي نفرغها على بَعضُنَا وإن لم نجد أحداً منا أفرغناها  على أقرب أجنبي.

الثلاثاء، 9 يونيو 2015

#بعثتك_وظيفتك ومزارع القرع


يحكى أنه في زمن من الأزمان أصبح الناس يشتهون القرع ويبحثون عنه في كل مكان ويدفعون فيه أغلى الأثمان، وفي يوم من الأيام عاد مزارع فقير إلى زوجته وحكى لها كساد بضاعته وأن الناس لا يريدون إلا القرع، فقالت له لما لا تبيع لهم القرع، فعجب منها وقال كيف أزرع القرع وهو يحتاج الكثير من المال للبذور السماد والري وأنا لا أملك المال؟، فاقترحت عليه أن يقترض مالاً من الناس الذين يشتهون القرع.

 ذهب اليوم التالي للبحث عمن يقرضه وعاد آخر اليوم بدون مال لأن الناس يشترطون أن يسددهم قرع كبير، فقالت له زوجته: أوعدهم بما يرغبون من القرع الكبير ومن الآن إلى وقت الحصاد يخلق الله مالا تعلمون.

تذكرت هذه القصة عندما اطلعت على تفاصيل مبادرة وزارة التعليم #بعثتك_وظيفتك ولم أجد إلا الهاشتاق في تويتر وصور لوزير التعليم مع وزير الصحة وكذلك مع مدير الصناعات الحربية يوقعون على اتفاقيات #بعثتك_وظيفتك، لم نرى أي إعلان أو تفاصيل لهذه الاتفاقيات والتي أراها وعود فقط بتوظيف الخريجين إذا تخرجوا ولم أرى أي أثر لخبرات ارامكو وسابك في الابتعاث الخارجي والداخلي والذي يعتبر من أنجح برامج الابتعاث في المملكة، هل سيتم متابعة المبتعثين من قبل وزارة الصحة مثلما تفعل ارامكو؟ هل ستصرف لهم رواتب خلال فترة الابتعاث؟ أشك في ذلك لأنها غارقة في إدارة مستشفياتها وبالكاد تفعل وبتقدير أقل من مقبول.

معالي وزير التعليم أرجوك عدم إضاعة الوقت في البحث عن وظائف لمن لم يتخرج بعد لأنه ليس من عمل وزارتك التي يجب أن ينصب جهدها على التعليم الذي هو أساس للتوظيف، نحتاج تعليم أساسي علمي يرفع من قدرات الطلبة في الرياضيات والعلوم حتى يتمكنوا من الاستمرار والابداع في التخصصات العلمية بالأعداد التي يحتاجها الوطن، نحتاج أطباء ومهندسين وفنيين بأعداد مهولة لن نتمكن من تحقيقها ومبتعثينا يغيرون تخصصاتهم بعد أول اختبار رياضيات وفيزياء، لن ينجح نظام التعليم بهاشتاق في توتير أو حفلات التصوير مع الوزراء وتوقيع اتفاقيات وكأنها اتفاقيات دولية وليست بين وزارة عملها الأساسي التعليم ووزارات يجب عليها أن توظف أبناء البلد، فلماذا الحاجة للاتفاقيات؟!!.

 

لدينا في القطاع الخاص ما يعرف بمؤشرات الأداء والتي نستخدمها في متابعة أداء الشركات على ضوء الميزانيات والوعود المرصودة واقترح على ولي الأمر أن يستخدم الوظائف الموعودة في #بعثتك_وظيفتك كمؤشر أداء لوزارة التعليم وجميع الوزرات المشتركة معها في هذا الوعد حتى لا ينطبق علينا قصة مزارع القرع.

الأحد، 17 مايو 2015

كارثة بناء : انهيار شدات الخرسانة اثناء الصب


انهيار مسجد تحت البناء....... انهيار مبنى اثناء الصب.......انهيار جسر اثناء الصب..........

أصبحت العناوين أعلاه متكررة في الأخبار بشكل ملفت، وللأسف حصدت وسوف تحصد مثل هذه الكوارث الضحايا من العمال المساكين، والغريب أننا لا نرى أي تحرك رسمي أو مهني للوقوف على هذه الكوارث وتحليلها والخروج بحلول وأنظمة مهنية هندسية لمنع تكرار.

أود من خلال هذه المقالة أن أساهم في عرض المشكلة وتقديم الحلول النابعة من خبراتي في مجال البناء والتشييد للثلاثين سنة الماضية واهتمامي الشخصي بالشدات الخرسانية لما وجدت لها من أهمية في أعمال البناء.

كانت المنازل والمشاريع ذات بحور (مسافات بين الأعمدة/الجدران) لا تزيد عن 4 أمتار في الغالب وارتفاع أسقف لا يزيد عن 3متر، والذي ترتب عليه تصاميم أسقف خرسانة اعتيادية ذات أوزان يمكن للشدات والدعامات الخشبية أن تتحملها والتي لا تخضع لأي حسابات هندسية وإنما لخبرات ومهارات النجارين، نعم بدون حسابات هندسية لأن جميع عناصر الشدة من دعامات وبلايوت لا يمكن تحديد قدرات تحملها للأوزان إما لعدم انتظام مقاطعها أو لقدمها وهذا بالإضافة إلى عدم وجود أنظمة حسابات إنشائية تحكم هذه المواد.

مع التطور التقني لأنظمة البناء وأنظمة الحسابات الإنشائية باستخدام الحاسب الآلي وحاجة المشاريع إلى بحور وارتفاعات عالية، أصبح تنفيذ هذه المشاريع هو العرف السائد بمسافات تزيد عن 8 أمتار وارتفاعات تصل إلى 10أمتار والذي بدوره زاد سماكات الخرسانة (بلاطات وجسور) وحديد التسليح. تطورت الشدات عالمياً لتناسب الأحمال والتقنيات الحديثة والتي يمكن معها عمل تصميم هندسي متكامل للشدة تناسب أحمال النظام الإنشائي للمشروع، مع الأسف الشديد لم تتطور أنظمة شدات وأنظمة الصب والتدعيم للخرسانة واستمر سوق المقاولات يعتمد اعتماد كبير على الشدات الخشبية وأصبحنا لا نرى الشدات المتطورة إلا في مشاريع الحرمين والمشاريع الكبيرة، بينما الكثير من المشاريع الحكومية بما فيها مشاريع الجسور (أحدها في وسط مدينة الخبر) لازالت تستخدم الشدات الخشبية العادية.

 

أحد الأسباب الرئيسية لعدم استخدام الشدات الحديثة والمصممة بشكل مناسب لكل مشروع هو عدم إدراج أي مواصفات أو متطلبات خاصة للشدات في العقود، وذلك للعرف السائد بأن تقتصر مواصفات ومخططات المشاريع على وصف المنتج النهائي المطلوب ولا يتم التطرق لطرق الإنشاء والأدوات التي يجب للمقاول استخدامها وتترك للمقاول لاستخدام ما يستطيع اتقانه وفتح باب المنافسة بين المقاولين لتقديم اقل تكلفة عدد معدات بناء تمكنه من كسب المشروع، يمكن أن يكون هذا مناسب للمشاريع العادية أما المشاريع الكبيرة التي بها تحديات هندسية وإنشائية كبيرة فيجب أن يتم تحديد طريقة التنفيذ والتي منها وأهمها تحديد توعية الشدات ومراحل العمل.

وأرى بأن غياب دراسات طرق التنفيذ (Constructability Study ( في مرحلة التصميم أحد أسباب حدوث الانهيارات للشدات وذلك لأن المصمم لا يأخذ في الاعتبار طرق الصب وقدرة الشدات المعدنية لتحمل الاحمال وخاصة عند تصميم جسور عميقة وقبب مرتفعة والتي تحتاج إلى طرق صب مختلفة تناسب أحمال وارتفاعات هذه الأنظمة، في أحد المشاريع رفض مقاول متخصص تنفيذ شدات معدنية للصب وتم تغيير نظام الصب إلى البريكاست للجسور والذي ساهم في تخفيض التكاليف.

 ولتفادي الكوارث الناتجة أرى ضرورة الآتي:

-      تبني مواصفات صارمة للشدات الصب وأن يتم فوراً منع استخدام الشدات الخشبية للمشاريع التي تزيد ارتفاعها عن 3 أمتار التي يجب أن يستخدم فيها الشدات المعدنية على أن يتم تقديم حسابات هندسية لهذه الشدات يعتمدها الاستشاري قبل الصب.

-      إدراج دراسات طرق التنفيذ Constructability Study ضمن مجال عمل التصميم الهندسي.

الأسلوب القصصي في الكتابة والعروض

تخرجنا من الجامعة بمهاره جيده للكتابة باللغة الإنجليزية والتي تميز خريجين جامعة البترول عن غيرهم والتي ركزت عليها الجامعة في   السنة التحض...