الجمعة، 22 يوليو 2022

السقالة الصينية

  

تابعت برنامج وثائق على نتفلكس يوثق شراء شركة صينية لمصنع امريكي وحولته الي مصنع زجاج للسيارات. لفت نظري اللياقة البدنية العالية وصغر سن الفريق الصيني الذي قدم من الصين لتجهيز المصنع وتدريب العمال الامريكان والذي كانوا في اسوء لياقة بدنية ونفسية وبضعف اعمار الفريق الصيني.

ذكرتني هذه المفارقة بحدث في أحد المشاريع التي أشرفت عليها لبناء مصنع اسمنت حيث انهى المقاول الصيني اعماله لاحد أجزاء المصنع وتبقى حضور فني احدي الشركات الأوربية الموردة لمعدات تحتاج معايره وتشغيل. اتصل مدير المبيعات في الشركة الاوربية مشتكياً ان الفني الأوربي لا يمكنه استخدام السقالة الصينية لأنها لا تخضع لمواصفات السلامة الاوربية ومخاطرها عالية واعطاني محاضرة في الفرق بين طريقة العمل الاوربية والصينية.

استدعيت الفني الأوربي وعرفت مخاوفه ثم كتبت لمديره بان السقالة امنة ويستخدمها المقاول الصيني وجميع المقاولين لأكثر من سنتين. ابلغته أنى قابلت الفني ووجدت الخطر في ضخامته ووزنه الزائد والذي لن يمكنه من الصعود على السقالة بينما العمالة الصينية تتسلقها بكل رشاقة ويسر لانهم أصحاب لياقه عالية جداً. اضطرت الشركة الاوربية ان توفر رافعه هيدروليكية لرفع الفني الثقيل الي موقع المعدة وتفادي السقالة الصينية.قابلت مدير المبيعات لاحقاً وتحدثنا عن التحديات التي تواجهها الصناعة الاوربية لمنافسة الصين وانهم واجهوا الحقيقة انهم لا يستطيعون المنافسة بالإمكانيات البشرية الاوربية التي أصابها الشيخوخة وان أفضل طريق لبقاء الشركات في السوق بناء مصانع في الصين والاستفادة من الطاقة البشرية الصينية. أرسل لي بريد بعد فترة لصور افتتاح أكبر مصنع في العالم لمعداتهم في الصين.

عوداً على الفلم الوثائقي لمصنع زجاج السيارات والمفارقه بين أسلوب الحياة الأمريكي الذي عرضه الفلم لاحد العاملين الامريكان بحبه لمزرعته وممارسة الصيد في عطلة نهاية الأسبوع مع كلابه وخيوله وأسلوب حياة السيدة الصينية التي تعمل طوال الأسبوع ولا ترى عائلتها الا أيام قليلة في الشهر. هذه المفارقة هي التي جعلت الصين ترقى الي مصاف الأمم الصناعية العظمى لان المنافسة العالمية تحتاج الشعوب المنتجة التي تقضي جل وقتها في العلم والإنتاج وليس ممارسة الهويات والتسكع الالكتروني طوال اليوم. هذه الإنتاجية التي مكنت الصين من ان تكون مصنع للعالم.

اخيراً ارجوا ان نتعلم من الياقة البدنية والتعليمية والإنتاجية للصين ونرفع مستوى تعليمنا وانتاجنا لنتمكن من الاستفادة من موردنا وصناعة ما نحتاج. أقول هذا وانا اكتب لكم هذه المقالة من لابتوب صيني على طاولة صينية واحتسي قهوتي السعودية من فنجان صيني وثرومس صيني، حتى مقاعد سيارتي الاوربية واغلب مكوناتها صنعت في الصين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الأسلوب القصصي في الكتابة والعروض

تخرجنا من الجامعة بمهاره جيده للكتابة باللغة الإنجليزية والتي تميز خريجين جامعة البترول عن غيرهم والتي ركزت عليها الجامعة في   السنة التحض...