لدي
قناعه بان 70% مما نستهلك يمكن ان نصنعه في المملكة بأعلى المواصفات وبجدوى
اقتصادية عالية. والصناعات الناجحة في المملكة لا تعد ولا تحصى سأورد مثالين للنجاح المنقطع النظير لصناعة
وطنية وهي شركة الفنار وشركة المراعي. الأولى تصنع المعدات الكهربائية من الفيش
الكهربائي الي المحولات الضخمة وكلها بخطوط انتاج فائقة في التقنية وتوظف الرجال
والنساء السعوديين ومن كل بقاع الأرض ونجحت ان تحصل على حصة كبيرة من السوق وتنافس
سعرا وجوده المنتجات الصينية. الثانية شركة المراعي والتي استوردت الابقار
والتقنيات لصناعة منتجات الالبان وأصبحت داعم اقتصادي استراتيجي لتامين المواد
الغذائية في جميع الظروف ليس لنا فقط بل الي دول الخليج والعالم العربي.
المثالين
أعلاه يجب النظرة السلبية للصناعة لمن لا يفهما والتي تتلخص " ويش لك وعورا
الراس استور من الصين" ، نعم الصناعة فيها عوار راس وفيها تحديات ولكنها هي
التي نقلت العالم الأوربي والامريكي والصيني والكوري والياباني الي عوالم الدول
المتقدمة وجعلت شعوبها منتجه ومتعلمه وتسيطر على مكتسبات العالم الغير صناعي
وتتحكم فيه اقتصاديا وسياسيا.
بعد صدور
استراتيجية الدولة 2030 والتي في لبها دعم الصناعة الوطنية ودخول صندوق
الاستثمارات الحكومية بقوة في قطاع الصناعة المحلية والعالمية ، زادت محفزات
الصناعة الوطنية وزاد معها دور وزارة الصناعة وكذلك وزارة الاستثمار في مساعدة
الصناعة الوطنية لتكون ركيزة اقتصادية مهمة. احد اهم المحفزات هو " المحتوى
المحلي" والذي اصبح له هيئة تنظم ادخال الصناعات الوطنية في المشتريات
الحكومية والشركات التي يملكها صندوق الاستثمارات الحكومية بإعطاء أولوية لمنتجات
المصانع الوطنية.
من
تحديات الواقع ان المصانع الوطنية تدخل بيناتها في منصات الشركات الكبيرة المخصصة
للمحتوى المحلي وتستقبل وفود الشركات لزيارة المصانع للتأكد من امكانياتها
وقدراتها التصنيعية والذي بعدها يتم
اعتماد المنتجات واعطائها أولوية في التوريد لمنتجاتها المصنفة لدى هذه الشركات.
بعدها يبدا الانتظار الطويل لاستلام طلبات العروض لهذه الشركات والتي في الغالب لا
يصل بسبب تعقيدات إجرائية وفنيه تحتاج مراجعات تنجح في أحيان في فتح صنبور طلبات
العروض. اذا تم تسليم العروض بمنتجات مناسبة يظهر تحدي تصنيف OEM
والذي يعني ان أنظمة الشركة تحتم الشراء من الشركة المصنعة لخطوط الإنتاج والتي
بها أصبحت شهادة المحتوى المحلي شهادة بانها ليست من تصنيع الشركة المصنعة وترفض
العروض فنيا. مثل هذا التحدي يحتاج بعض الأحيان الي سنة او اكثر لأثبات ان
منتجات المصنع المحلي مثل او تفوق الشركة المصنعة وكذلك اثبات ان بعض الشركات
المصنعة خرجت من السوق ولم تعد موجودة.
من
تحديات الواقع ان تعمل المصانع حملات دعائية وتشترك في معارض وتلتقي بأبرز
القيادات في الشركات الكبيرة والتي تعرض مدى التزامها بالمحتوى المحلي وإعطاء
الأولوية للصناعات الوطنية ثم تقوم بكل ما هو مطلوب وتفاجأ برفض منتجاتك بسبب ان
مهندس الإنتاج لا يرغب في ادخال موردين جدد وان الميزانية محدودة. مثل هذا التحدي
صعب جدا على نفسية أصحاب المصانع وموظفيهم لأنه يجب سنوات الكفاح في تأسيس كيان
صناعي محلي واستثمار مالي كبير يقابل بالرفض. بطبيعة الحال يمتد الكفاح لأشهر او
سنوات لمحاولة قبول المنتجات مجانا لتجربتها على الواقع واثبات جودتها والتي تمنى
بالنجاح والفشل حسب الظروف.
من
تحديات الواقع ان المصانع الوطنية تحتاج دعم مالي لتتمكن من التصدير والمنافسة خليجياً
وعالمياً. وتم تأسيس بنك الصادرات السعودي لتقديم الدعم على غرار بنوك الصادرات
الكورية واليابانية والمانية ، ومع التطور الكبير لأنظمة بنك الصادرات الا انه
لايزال يحتاج الي مرونة في الأنظمة واستعداد لتغطية مخاطر التصدير كبنك متخصص.
كل ما
سبق من تحديات الواقع انما هي تحديات متعلقة بكفاءة تنفيذ أنظمة المحتوى المحلي من الأعلى
الي الأسفل والتي تبنتها استراتيجية الدولة وتحتاج ان تعبر من المستوى الاستراتيجي
الي المستوى التنفيذي لتتمكن الهيئات من تنفيذ ما تم تأسيسها منه اجله. اتفهم جيدا
حرص مهندس الإنتاج على توريد معدات ومواد تضمن استمرار مصانعهم في العمل ولكن يجب إعطاء
الفرصة لمنتجات الصناعة المحلية واختبارها وإعطاء الاقتراحات لتحسين جودتها مثل ما
اعطيت مصانع الشرق والغرب الفرصة لاختبار معداتهم وموادهم والذي مكنها من التطور
والرقي بالجودة.